محرّكيّته نحو مقدّمات الواجب قبل مجيء ظرف الواجب ، ومن هنا كان امتناع الوجوب المشروط يعني من الناحية العمليّة إلزام المكلّف بالمقدّمات المفوّتة للواجب من قبل ذلك الوجوب.
وهذه هي ثمرة البحث في إمكان الوجوب المشروط وامتناعه ، وقد تقدّم (١) أنّ الصحيح إمكان الوجوب المشروط ـ خلافا لما في تقريرات الشيخ الأنصاري (٢) ـ الذي تقدّم بالتفسير المذكور.
وهنا توجد عدّة تفسيرات وتخريجات للقول بوجوب المقدّمات المفوّتة :
التفسير الأوّل : ما ذكره الشيخ الأنصاري ، من أنّنا نثبت وجوب المقدّمات المفوّتة على أساس الوجوب الفعلي الثابت قبلها ، فيكون هذا الوجوب هو الداعي والمحرّك والباعث لإيجادها والتحريك نحو تحصيلها ، وهذا يتمّ بناء على كون الوجوب فعليّا دائما ، وإنكار ما يسمّى بالوجوب المشروط ، فكلّ وجوب فعلي عند تحقّق موضوعه.
وأمّا ما يؤخذ في لسان الدليل من قيود وشروط فهي راجعة إلى متعلّق الوجوب ، أي الواجب لا إلى الوجوب نفسه ، بناء على ما ذكره من أنّ الوجوب تابع لإرادة المولى ، فهو إمّا أن يريد جعل الوجوب أو لا يريد ، فإذا أراده فهو فعلي ؛ إذ لو كان مشروطا فهذا معناه أنّه لم يرد جعله بعد.
وعليه ، فما دام الوجوب فعليّا من حين تحقّق موضوعه فهو يحرّك ويبعث نحو إيجاد الواجب ، ولذلك كان المكلّف مسئولا عن إيجاد وتحقيق كلّ القيود التي يتوقّف عليها الواجب ، والتي تكون واقعة تحت اختياره قبل مجيء زمان الواجب ، وأمّا الزمان نفسه فهو ليس مسئولا عنه ؛ لأنّه خارج عن قدرته واختياره ، وحينئذ يجب على المكلّف الإتيان بالوضوء قبل الزوال ؛ لأنّ وجوب الصلاة فعلي قبل الزوال ؛ لأنّ وجوب الصلاة ثابت على كلّ مكلّف بالغ عاقل ... إلى آخره.
وأمّا الصلاة فهي مقيّدة ومشروطة بالزوال بالإضافة إلى اشتراطها بالوضوء ، ولكنّ الوضوء يجب الإتيان به بخلاف الزوال ؛ لأنّ الأوّل داخل تحت الاختيار والقدرة بخلاف الثاني.
__________________
(١) تحت عنوان : قاعدة إمكان الوجوب المشروط.
(٢) مطارح الأنظار : ٤٩.