المسئوليّة عن المقدّمات قبل الوقت
[ أو المقدّمات المفوّتة ]
اتّضح ممّا تقدّم (١) أنّ المسئوليّة تجاه مقدّمات الواجب من قبل الوجوب إنّما تبدأ ببداية فعليّة هذا الوجوب ، ويترتّب على ذلك أنّ الواجب إذا كان له زمن متأخّر ، وكان يتوقّف على مقدّمة ولم يكن بالإمكان توفيرها في حينها ، ولكن كان بالإمكان إيجادها قبل الوقت ، فلا يجب على المكلّف إيجادها قبل الوقت ؛ إذ لا مسئوليّة تجاه مقدّمات الواجب إلا بعد فعليّة الوجوب ، وفعليّة الوجوب منوطة بالوقت ، وتسمّى المقدّمة في هذه الحالة بالمقدّمة المفوّتة.
ومثال ذلك : أن يعلم المكلّف قبل الزوال بأنّه إذا لم يتوضّأ الآن فلن يتاح له الوضوء بعد الزوال ، فيمكنه ألاّ يتوضّأ ولا يكون بذلك مخالفا للتكليف بالصلاة بوضوء ؛ لأنّ هذا التكليف ليس فعليّا الآن ، وإنّما يصبح فعليّا عند الزوال ، وفعليّته وقتئذ منوطة بالقدرة على متعلّقه في ذلك الظرف ؛ لاستحالة تكليف العاجز ، والقدرة في ذلك الظرف على الصلاة بوضوء متوقّفة بحسب الفرض على أن يكون المكلّف قد توضّأ قبل الزوال ، فالوضوء قبل الزوال إذن يكون من مقدّمات الوجوب ، وبترك المكلّف له يحول دون تحقّق الوجوب وفعليّته في حينه ، لا أنّه يتورّط في مخالفته.
مقدّمة البحث : عرفنا ممّا سبق أنّ قيود الواجب الشرعيّة أو العقليّة التكوينيّة يعتبر المكلّف مسئولا عن إيجادها وتحصيلها ؛ لأنّه لمّا كان ملزما عقلا بامتثال الواجب
__________________
(١) تحت عنوان : المسئوليّة تجاه القيود والمقدّمات.