الآخر في مقام دلالته ، وذلك وان لم يكن ظاهرا في بعض الموارد ظهورا تاما ، كما في : « الطواف في البيت صلاة » (١) ـ بناء على انه يتكفل التنزيل لا الاعتبار ـ ، فانه ناظر بدوا إلى ثبوت الحكم ، وهو شرطية الطهارة للطواف مع قطع النّظر عن دلالة دليل عليه ، وهو لا يوجب التوسعة في مدلول : « لا صلاة إلاّ بطهور » (٢) لأنه لا يتكفل ثبوت نفس ذلك الحكم المنشأ بالدليل المحكوم للطواف بل إثبات حكم آخر مماثل له ، فهو غير ناظر إلى دلالة الدليل المذكور على الحكم.
إلاّ انه يظهر تماما في موارد أخر كموارد قاعدة الفراغ ـ على ما سيجيء ـ ، فان القاعدة تتكفل تنزيل هذا الفرد المشكوك منزلة المأمور به ، ويترتب عليه نفس الحكم المنشأ والمترتب على المأمور به لا حكم مماثل ، لما ستعرفه في محله ، فيكون ناظرا إلى المدلول بما هو مدلول للدليل.
فنكتة الفرق بين المقامين : ان أحدهما يكون التنزيل فيه بلحاظ ثبوت نفس الأثر المنشأ الثابت للعنوان الموضوع للحكم وذلك بجعل موضوع الحكم أعم من الفرد الحقيقي والفرد المنزل عليه ، فيكون ناظرا إلى الدليل ، مثل المتكفل للتضييق بلحاظ نفي الأثر الّذي يتخيل ثبوته بالدليل. وان الآخر يكون التنزيل بلحاظ ثبوت أثر مماثل لذلك ، فيكون ناظرا إلى المدلول بذاته بدوا.
وبالجملة : لا فرق بين دليل التنزيل المتكفل للتضييق والمتكفل للتوسعة في كون كل منهما ناظرا إلى الدليل والمدلول بما هو مدلول.
ولكن تعليل هذا الظهور العرفي في الدليل المتكفل للتضييق واضح كما عرفت. وقد لا يتضح تعليله فيما تكفل التوسعة من الأدلة.
وعلى تقدير انه لم يكن ناظرا إلى الدليل ، فهو غير مهم في المقام ومحط
__________________
(١) عوالي اللئالي ٢ ـ ١٦٣ حديث ٣.
(٢) وسائل الشيعة ١ ـ ٢٥٦ باب ١ من أبواب الوضوء حديث ١.