يقوم بجعل الحكم
لا مجرد إبراز الإرادة ، كيف؟ ولازمه عدم صحة الحكم في مورد تكون المصلحة فيه نفسه
لا في متعلقه ، إذ في مثل ذلك لا تكون هناك إرادة متعلقة بالفعل لأنها تتبع
المصلحة فيه ، مع ان ثبوت الأحكام في مثل هذا المورد لا يقبل الإنكار.
هذا مع انه يستلزم
عدم قابلية الحكم للجعل الظاهري والتعبد به ظاهرا ، لأنه امر واقعي لا يقبل الجعل
، كما انه يستلزم عدم قابليته لرفعه منّة ، إذ ارتفاع الإرادة الارتفاع المصلحة لا
منّة فيه. فما أفاده إنكار لما هو المسلم المعروف ولا يمكننا الأخذ به.
الوجه الثاني : من
جهة البناء ، فانه لو سلم بان الحكم حقيقته الإرادة ، فالالتزام بفعلية الإرادة
قبل تحقق الشرط لا نسلمه ، بيان ذلك : ان القيود الدخيلة في المصلحة على قسمين :
أحدهما : ما كان
دخيلا في اتصاف الفعل بالمصلحة وكونه ذا مصلحة ، نظير المرض بالنسبة إلى الدواء ،
فان الدواء لا مصلحة فيه إذا لم يحصل المرض.
والآخر : ما كان
دخيلا في فعليه المصلحة وترتبها على الفعل ، كجعل الدواء مدة معينة على النار
الدخيل في تأثيره في رفع المرض وترتب المصلحة.
ولا يخفى ان القسم
الأول من القيود يعبّر عنه بقيود الموضوع ، لأخذها في موضوع الحكم ، بحيث يترتب
الحكم على وجودها. بخلاف القسم الثاني ، فانهما قيود المتعلق ، ولذا تؤخذ في
المتعلق ويكون للحكم تحريك ودعوة نحوها.
ومن الواضح ان
القسم الأول دخيل في تحقق الإرادة بحيث انه لا تتحقق الإرادة قبل وجوده خارجا ،
فلا شوق لاستعمال الدواء قبل حصول المرض ، ولا شوق للأكل قبل حصول الجوع وهكذا ،
وهذا آمر لا يكاد ينكره الوجدان. وكون متعلق الإرادة هو الوجود الذهني لا ينافي ما
قلناه ، لأن هذه القيود ليست مأخوذة في المتعلق ، بل هي دخيلة في تحقق أصل الإرادة
لا انها