السياقي بأنّ كلّ
ما لا يقوله من القيود فهو لا يريده جدّا ، فيستنتج أنّه لا يريد التقييد جدّا ،
بل يريد الإطلاق.
إلا أنّ هذا هو
ظاهر الكلام وليس الكلام نصّا صريحا في الدلالة على الإطلاق ؛ إذ لا يوجد في
الكلام لفظ يدلّ على الإطلاق. فإذا قيل بعد ذلك : ( لا تكرم العالم الفاسق ) كان
نصّا في عدم وجوب إكرام العالم الفاسق ، وأنّ العدالة دخيلة في موضوع الحكم ، فعند
تعارضهما يقدّم النصّ على الظاهر ؛ لأنّه يصلح للقرينيّة في تفسير المراد الجدّي
كما سيأتي تفصيله في بحث التعارض.
من هنا كان
التقييد والتخصيص والنصّ والأظهر مقدّما على الإطلاق والعامّ والظاهر أو المجمل ،
وهذا فارق عملي مهمّ بينهما.
ويتّضح مما ذكرناه أنّ جوهر
الإطلاق يتمثّل في مجموع أمرين :
الأوّل
: يشكّل الصغرى لقرينة الحكمة ، وهو : أنّ تمام ما ذكر وقيل موضوعا للحكم بحسب
المدلول اللفظي للكلام هو الفقير ، ولم يؤخذ فيه قيد العدالة.
والثاني
: يشكّل الكبرى لقرينة الحكمة ، وهو : أنّ ما لم يقله ولم يذكره إثباتا لا يريده
ثبوتا ؛ لأنّ ظاهر حال المتكلّم أنّه في مقام بيان تمام موضوع حكمه الجدّي
بالكلام.
وتسمّى
هاتان المقدّمتان بمقدّمات الحكمة.
والخلاصة
: أنّ قرينة الحكمة
تتألّف من مجموع أمرين :
الأوّل
: وهو الصغرى
ومفاده : أنّ ما ذكره المتكلّم وما قاله في كلامه إنّما هو اسم الجنس الذي يدلّ على
ذات الماهيّة مجرّدة عن الإطلاق والتقييد ، فكانت ذات الماهيّة هي تمام الموضوع
للحكم. ويدلّ على ذلك المدلول اللفظي الذي يتكوّن من مجموع دلالتين هما : الدلالة
التصوّريّة الوضعيّة التي تدلّ على المعنى الموضوع له اللفظ ، والدلالة التصديقيّة
الأولى التي تدلّ على أنّه قصد استعمال وإخطار هذه الصورة في الذهن ، فينتج منهما
أنّ تمام الموضوع الذي أنيط به الحكم هو ذات الماهيّة فقط.
الثاني
: وهو الكبرى
ومفاده : أنّ ما لا يقوله وما لا يذكره من القيود في كلامه فهو لا يريده جدّا وليس
دخيلا في موضوع حكمه. فكلّ القيود منتفية ؛ لأنّه لم