العدالة في موضوع الحكم ( أكرم الفقير العادل ) أو أي قيد آخر ، أنّ هذا القيد داخل في موضوع الحكم بنحو الجدّية ، وأنّه موجود ثبوتا في نفس الشارع أو المتكلّم ؛ وذلك لأنّ هذا القيد قد أخذ في الصورة الذهنيّة التي تكوّن المدلول التصوّري الوضعي ، وقد استعمل المتكلّم هذا القيد قاصدا إخطاره في الذهن ، وبالتالي فهو يريده جدّا لا هزلا أو تقيّة.
والحاصل : أنّ ذكر القيد إثباتا يدلّ ويكشف عن وجود القيد ودخالته في الموضوع ثبوتا أيضا على أساس أصالة التطابق بين عالم الإثبات وعالم الثبوت.
وهذا ما يسمّى بقاعدة احترازيّة القيود ، التي معناها أنّ كلّ قيد يذكر فهو لأجل الاحتراز والاجتناب عن دخول الأفراد الفاقدة للقيد في موضوع الحكم ، فيتجنّب من شمول الحكم لغير الواجد للقيد ويتحرّز عن ذلك ، فيكون الحكم منتفيا عن الفاقد للقيد.
ومرجع ظهور التطابق الذي يبرّر هذه القاعدة إلى ظاهر حال المتكلّم أنّ كلّ ما يقوله يريده جدّا ، والدلالة التصوّريّة والدلالة التصديقيّة الأولى بمجموعهما يكوّنان الصغرى لهذا الظهور ، إذ يثبتان ما يقوله المتكلّم فتنطبق حينئذ الكبرى التي هي مدلول لظهور التطابق المذكور.
وقاعدة احترازيّة القيود مرجعها إلى أصالة التطابق بين المدلولين التصوّري والتصديقي الأوّل من جهة وبين المدلول التصديقي الثاني من جهة ثانية.
وهذا التطابق مرجعه أيضا ظهور حال المتكلّم بأنّ كلّ ما يقوله ويذكره في كلامه ويخطره في ذهن السامع تصوّرا واستعمالا فهو يريده جدّا ؛ لأنّه إذا لم يكن مرادا له جدّا ومع ذلك ذكره تصوّرا واستعمالا فيكون بذلك خارقا ومخالفا لأصالة التطابق بين الدلالات الثلاث من دون أن ينصب قرينة على ذلك ، فيكون قد أخطر واستعمل صورة لا يريدها جدّا ، وهذا قبيح عرفا وعلى خلاف المتعارف عند أهل اللغة والمحاورات ، وخلف كونه في مقام البيان لمراده الجدّي بكلامه.
وهذا الظهور ( كلّ ما يقوله يريده جدّا ) يتألّف من صغرى وكبرى.
أمّا الصغرى فهي أنّ هذا ما قاله ، وأمّا الكبرى فهي كلّ ما يقوله يريده جدّا. فلا بد إذا من إحراز الصغرى لكي تنطبق عليها الكبرى وتتحقّق القاعدة والظهور. وحينئذ