وملاك النقصان في
النسبة هو أن تكون النسبة الحاضرة في الذهن اندماجيّة لا حقيقيّة ، بمعنى أنّها
عين الخارج بالحمل الأوّلي ولكنّها تغايره وتباينه بالحمل الشائع ؛ لأنّ النسبة في
الخارج متقوّمة بالطرفين الحاضرين فعلا والمتغايرين ، بينما النسبة الاندماجيّة في
الذهن ليست حاضرة ضمن طرفيها وإنّما هذه النسبة تجعل الطرفين طرفا واحدا وتكوّن
منهما مفهوما إفراديّا واحدا ليقطع طرفا في الذهن ، والغرض من إحضاره كذلك هو
وقوعه طرفا في نسبة أخرى جديدة فهو يحتاج إلى طرف آخر ليحقّقا نسبة جديدة.
وهذا يعني أنّ
النسبة الحاضرة في الذهن غير متقوّمة بالطرفين ، إذ لا يوجد طرفان حقيقيّان
متغايران ، وإنّما هناك طرف واحد نشأ من خلال اندماج الطرفين معا. ففي الحقيقة لا
يوجد نسبة حقيقيّة واقعيّة ؛ لأنّها متقوّمة بالطرفين فعلا ، وهنا لا يوجد إلا طرف
واحد. نعم ، هناك نسبة تحليليّة اندماجيّة ؛ وذلك لأنّنا إذا حلّلنا هذا الطرف
الواحد الموجود في الذهن نجد أنّه يوجد فيه نسبة ، ولكنّها غير ظاهرة في صقع الذهن
، وإنّما هي مستترة ومستبطنة في الطرف.
فقولنا : ( مفيد
العالم ) أو ( علم المفيد ) طرف واحد حاضر في الذهن ، ولكن هذا الطرف الواحد مركّب
من نسبة حقيقيّة تحكي عن الخارج ، إلا أنّ هذه النسبة الحقيقيّة ليست بارزة بين
الطرفين ، وإنّما هذه النسبة دمجت بين الطرفين وكوّنت منهما طرفا واحدا وحصّة
واحدة ؛ لأجل وقوعها طرفا في نسبة أخرى جديدة ، فهي نسبة مستترة غير ظاهرة بين
الطرفين. ويعبّر عنها بالنسبة الاندماجيّة التحليليّة المستترة المستبطنة ، وفي
مقابلها النسبة الظاهرة البارزة الحقيقيّة الواقعيّة.
ومن
هنا قلنا سابقا : إنّ الحروف وهيئات
الجمل الناقصة موضوعة لنسب اندماجيّة أي تحليليّة ، وأنّ هيئات الجمل التامة
موضوعة لنسب غير اندماجيّة.
وبهذا يتّضح لنا
الفرق بين الجملتين التامّة والناقصة ، فالجملة التامّة موضوعة لنسبة غير
اندماجيّة ، أي أنّها نسبة واقعيّة وحقيقيّة ظاهرة وبارزة بين طرفيها في صقع الذهن
، بينما الجملة الناقصة كالحروف موضوعة لنسبة اندماجيّة ، أي نسبة تحليليّة ليست
حقيقيّة ولا ظاهرة بين طرفيها.
__________________