وكلمة ممهّدة في
هذا التعريف : إذا قرئت مبنيّة لاسم المفعول ، فهذا يعني أنّ هذه القواعد موصوفة
بصفة التمهيد في مرحلة سابقة عن تدوينها في علم الأصول ، مع أنّ المراد من التعريف
هو إعطاء الضابطة لمعرفة القاعدة الأصوليّة من غيرها ، والذي على أساسها يمكننا
تمييز القواعد الأصوليّة عن غيرها. فإذا كانت هذه القواعد قد اكتسبت صفة التمهيد ،
فنسأل عن هذا الضابط الذي بموجبه كانت أصوليّة. فالتعريف قاصر عن أداء ما هو مطلوب
منه ، وهذا الإشكال ذكره السيّد الشهيد في الحلقة الثانية.
وأمّا إذا قرئت
مبنيّة لاسم الفاعل فيرد عليه :
وقد لوحظ على هذا التعريف :
أوّلا
بأنّه يشمل القواعد الفقهيّة كقاعدة أنّ ( ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ).
الملاحظة الأولى
على هذا التعريف : أنّ القواعد الفقهيّة كالقاعدة المذكورة وغيرها تقع في طريق
الاستنباط ، وتمهّد الطريق للوصول إلى الحكم الشرعي ؛ إذ قاعدة الضمان مثلا يستخدمها
الفقيه في مختلف أبواب المعاملات كالبيع والإجارة ونحوهما ، فهذا التعريف ينطبق
على مثل هذه القاعدة فتدخل على هذا في علم الأصول ؛ لأنّها قاعدة مهّدت لاستنباط
الحكم الشرعي مع أنّه من المعلوم أنّها قاعدة فقهيّة وليست أصوليّة. وهذا يعني أنّ
التعريف غير مانع من دخول الأغيار تحته ؛ لأنّ القاعدة الأصوليّة هي ما كانت لها
الصلاحيّة لأن تجري في مختلف الأبواب الفقهيّة من دون استثناء ، وهذه القاعدة
وأمثالها مختصّة ببعض الأبواب الفقهيّة ؛ لأنّها لا تجري في مثل باب الصلاة والصوم
ونحوهما من أبواب العبادات.
وثانيا
بأنّه لا يشمل الأصول العمليّة ؛ لأنّها مجرّد أدلّة عمليّة وليست أدلّة محرزة ،
فلا يثبت بها الحكم الشرعي ، وإنّما تحدّد بها الوظيفة العمليّة.
الملاحظة الثانية
على هذا التعريف : هي أنّه لا تدخل فيه الأصول العمليّة ؛ لأنّها ليست إلا أدلّة
لتحديد الموقف العملي والوظيفة العمليّة للمكلّف اتّجاه الواقع المشكوك ، فالبراءة
والاحتياط ونحوهما من الأصول العمليّة يستخدمها الفقيه عند الشكّ في الحكم الشرعي
والجهل به ؛ لأجل تحديد الوظيفة والموقف أمام هذا الواقع المجهول ، فلا يستنبط
منها حكم شرعي ؛ لأنّه قد أخذ في موضوعها الشكّ في الحكم