التصويب بالنسبة لبعض الأحكام الظاهريّة
تقدّم (١) أنّ الأحكام الواقعيّة محفوظة ومشتركة بين العالم والجاهل ، واتّضح أنّ الأحكام الظاهريّة تجتمع مع الأحكام الواقعيّة على الجاهل دون منافاة بينهما ، وهذا يعني أنّ الحكم الظاهري لا يتصرّف في الحكم الواقعي.
عرفنا أنّ الأحكام الواقعيّة محفوظة حتّى في حالة الشكّ ، وهذا معناه اشتراك الأحكام الواقعيّة بين العالم والجاهل فهي ثابتة في كلا الموردين. وعرفنا أيضا أنّ الأحكام الظاهريّة ليست إلا طرق ووسائل ؛ لأجل تسجيل الواقع وإدخاله في عهدة المكلّف من خلال إبرازها لما هو الأهمّ من الملاكات الواقعيّة. وعليه ، فلا مانع من اجتماع حكمين واقعي وظاهري متضادّين ، ولا منافاة في ذلك لا في عالم الجعل ولا في عالم المبادئ ولا في عالم الامتثال كما تقدّم. وهذا يعني أنّ الحكم الظاهري لا يغيّر ولا يبدّل ولا يتصرّف بالحكم الواقعي ، بل هو ثابت دائما حتّى مع الشكّ والجهل فإن وافق الحكم الظاهري الحكم الواقعي فهو وإلا كان معذورا. ومقتضى ذلك أنّ الأحكام الظاهريّة في صورة الخطأ لا توجب الإجزاء ، كما إذا قامت الأمارة أو الأصل على الجواز والترخيص ثمّ تبيّن فيما بعد الخطأ بأن انكشف الواقع للمكلّف وعلم به ، فبناء على ما تقدّم ينبغي الإعادة ولا يكون هناك إجزاء ؛ لأنّ هذه المبادئ الواقعيّة والملاكات لا زالت موجودة والمكلّف لم يحصلها ولم يحقّق الامتثال الموجب لسقوطها.
ولكن هناك من ذهب إلى أنّ الأصول الجارية في الشبهات الموضوعيّة ـ كأصالة الطهارة ـ تتصرّف في الأحكام الواقعيّة ، بمعنى أنّ الحكم الواقعي بشرطيّة الثوب الطاهر في الصلاة مثلا يتّسع ببركة أصالة الطهارة فيشمل الثوب المشكوكة
__________________
(١) في هذه الحلقة ، تحت عنوان : شمول الحكم للعالم والجاهل.