وفيه : إذا كان التكليف مضيقاً أي لا بدل له كما إذا وجبت الصلاة في كل وقت وقت أو اكرام كل عالم عالم فالقول بوجوب ما فعله يلتزم به القائل بحرمة التجري إذ لا يختص التجري بباب المحرمات بل يجري في ما يقطع بوجوبه ، والمراد بحرمة التجري ما يعم وجوب الفعل في الشبهات الوجوبية المساوق مع حرمة الترك ، وان كان الواجب موسعاً أي له بدل كما في الصلاة داخل الوقت أو مع الطهور أو عتق رقبةٍ فإنّه في مثل ذلك يكون متعلق التكليف هو الارادة المتعلقة بالفرد المعلوم بالذات من الصلاة أو العتق في تمام الوقت ، وهو لم يتحقّق منه بحسب الفرض ومقدور له فلا يسقط عنه.
وإن شئتم قلتم : انّ هذا التقريب يقتضي أخذ المعلوم بالذات بالمقدار الذي تقتضيه المحركية لا أزيد ، وفي المقام المحركية نحو الجامع البدلي ـ سواءً بلحاظ عمود الزمان أو الأفراد ـ يكون مقدوراً نظير من لا يكون قادراً على الطهور في أوّل الوقت دون آخره فإنّه لا يسقط التكليف عنه.
وبتعبير ثالث : المأخوذ في متعلّق التكليف المعلوم بالذات الذي لا ينكشف خلافه مع بقاء ظرف الامتثال كما في الواجب الموسّع.
هذا ولكن يبقى النقض على صاحب هذا التقريب بموارد انكشاف الخلاف خارج الوقت أو الاتيان بالصلاة بعد الوقت بتخيل بقاء الوقت فإنّه في مثل ذلك لابد من القول بتحقق الامتثال إذ انّ ترك ما فعله يكون تجرياً حراماً عليه بحسب هذا التقريب فيكون ما فعله مصداقاً للواجب لا محالة فلا يجب عليه القضاء ، وكذلك يلزم أن يكون من أعتق الحرّ بتصور انّه عبد مع عدم قدرته على أكثر من عتق واحد ممتثلاً حيث لا يعقل بقاء الأمر بالعتق في حقه.