أحدهما ادراكه للحق وبأنّ من له الحق له الأمر والنهي مثلاً والآخر قبح مخالفته والعلم بالأوّل كبرىً وصغرىً يكون مأخوذاً في موضوع الثاني.
ويكون العلم أو وصول الصغرى والكبرى للحق تمام الموضوع في حكم العقل بالقبح وهذا معناه أنّ موضوع القبح هو الاقدام على الظلم وسلب الحق المدرك في الحكم الأوّل. غاية الأمر انّ الاقدام على الظلم مع عدم الخطأ في الصغرى والكبرى يكون مساوقاً مع تحقق الظلم أيضاً ولكنه ليس له قبح آخر غير قبح الاقدام ، ومع فرض الخطأ في الصغرى أو الكبرى بنحو التوسعة لا يساوق تحقق الظلم خارجاً وإن كان اقداماً على الظلم وقبيحاً. وهذا ينتج أن موارد التجري وإن كان لا يختلف عن موارد المعصية في حكم العقل بالقبح لكون موضوعه فيهما واحداً وهو الاقدام على الظلم ولكن يختلفان في صدق عنوان الظلم وسلب الحق في المعصية دون التجرّي ، وهذا لا يؤدي إلى تعدد القبح في المعصية وإنّما مجرد صدق سلب الحق في أحدهما دونه في الآخر وهو لا يوجب مزيد قبح أو عقوبة عقلية وإنّما قد يوجب العقوبة الزائدة من باب التشفّي ، وهذا الذي يفسر وجدانية وجود فرق بين موارد التجري والمعصية.
البرهان الأوّل : عدم امكان قبح التجري وهو هنا شرب مقطوع الخمرية لعدم تعلق الارادة به ، بل بالخمر وهو لم يتحقق ، والقبح لا يكون إلاّللفعل الارادي.
وجوابه الأساسي : انّ الاختيارية والارادية ليست بمعنى الشوق ، بل بمعنى السلطنة التي يكفي فيها القدرة والالتفات سواءً كان الشوق نحوه أو نحو ملازماته وهو يعلم هنا انطباق عنوان مقطوع الخمرية على فعله وإن لم يشتق إليه.