والجواب : اننا نقبل امكان أخذ العلم بالحكم بمعنى الجعل في موضوع نفسه ، ومثل الميرزا أيضاً يقبل معقولية ذلك ولو بمتمم الجعل ، فلا محذور ولا دلالة التزامية كذلك. نعم لازم هذا انّ دليل الاحتياطي حاكم على إطلاق دليل البراءة الثانية ، ودليل البراءة الثانية مقيّد لاطلاق دليل الاحتياطي بصورة العلم به فإنّ اطلاقه يقتضي ثبوته حتى مع الشك فيه ، إلاّ أنّ هذا الغاء لدليل البراءة الثانية ، وهذا لا محذور فيه بأن يكون أصل الدليل المحكوم مقيداً لاطلاق في الدليل الحاكم وإن كان أصل الدليل الحاكم رافعاً لموضوع إطلاق الدليل المحكوم ، فتدبر جيداً.
وقد يقال : بأنّ هذا وإن كان معقولاً ثبوتاً إلاّ انّه لغو اثباتاً حيث انّ جعل الاحتياط المشروط بوصوله لغو عرفاً ، إذ في فرض العلم بوجوب الاحتياط يتحقق الاحتياط من المكلّف حتى إذا كان علمه جهلاً مركباً ، فأي فائدة في مثل هذا الجعل ، وهذا يعني تشكل دلالة التزامية عرفية على نفي الاحتياط لا عقلية.
والجواب : انّ فائدة جعله انّه بجعله يصل إلى المكلف فيعلم به فيحتاط ، وهذا هو فائدة جعل الأحكام بصورة عامة ، فلا لغوية حتى عرفية.
نعم ، لو قيل بأنّ جعل ايجاب احتياط لو لم يصل لم يكن ملاكه فعلياً لغو عرفاً لأنّ الجعل لابد وأن يحفظ ملاكاً فعلياً لولا الجعل صحت الملازمة المذكورة.
إلاّ أنّ هذه الدعوى بلا موجب.
نعم ، لو قيل باننا لا نحتمل فقهياً جعل وجوب احتياط مشروط بالعلم به بالخصوص أو قيل بظهور أدلّة الاحتياط في خلاف ذلك ظهوراً لا يقبل رفع اليد عنه لأنّه كالصريح في انّ الملاك للاحتياط نفس الاشتباه والالتباس لا العلم