المقدّمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين ، سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين.
وبعد ، فإنّه ما انفك الإنسان يوماً من الأيام يبحث لمعرفة الحقيقة الكونية ، فيجول بفكره آفاق الكون الواسع ، متأملاً في مظاهره وأحواله وعجائبه ، نجومه وكواكبه ، وليله ونهاره ، والكثير من خصائصه العجيبة ، ثم يهبط بنظره إلى الأرض وما فيها من الغرائب والعجائب ، من بحارها ، وأنهارها ، وأشجارها ، وثمراتها ، وحيواناتها ، وكيفية معيشتها ، وتنظيمها وغيرها من الأُمور ، ثم يرجع إلى نفسه وشخصه ، ليجد فيها من القدرات الكامنة والطاقات المتفجرة ، في حركة وجوده الدائبة ما يذهل العقول ويحيّر الألباب.
وأمام كل تلك المظاهر ، الكونية والأرضية والانفسية ، لم يفت ذلك الإنسان أن يتساءل عن الذي صنع كل هذا ودبره ، وخلقه ونظّمه ، فهل وجدت هذه الأشياء بهذا الاتساق العجيب صدفة من تلقاء نفسها ؟
ثم يعود مرة أُخرى إلى نفسه ويناجيها بأنواع المناجاة ، ويخوض معها حواراً طويلاً حول وجوده ، ووجود كل هذه الأشياء حوله ، فيقول لها : ما هو المصدر ؟! ولماذا أنا هنا في هذا الوجود ؟! والى أين سوف أصير ؟!
وبينما هو في هذه الحيرة والتفكر ، وإذا بالجواب يأتيه من أعماق نفسه ووجدانه ، بأن الصدفة مستحيلة ، فلا بد أن يكون لك ولكل هذا الكون خالق ومدبر ، فوق ما تراه من الأُمور المحسوسة ، ولا بد أنّه خلق كل هذا العالم من أجل غاية عظيمة ، وهي أنت أيها الإنسان ، فكل هذا العالم من أجل خدمتك وسعادتك ورقيك