مستحقة للعبادة ، ولذا نرى أن الله تعالى بعد أن ذكر بأن إبراهيم وصل الى رؤية ملكوت السموات والأرض من خلال قوله ( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ ) (١). وبعد أن حذّر قومه من خلال مخاطبة عمه آزر الذي كان على عقيدة قومه من عبادة الأصنام والكواكب كما في قوله سبحانه : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) (٢) وبعد هذا التحذير والبيان أراد إبراهيم عليهالسلام أن يثبت لهؤلاء أن عبادة غير الله ليست صحيحة ، لأن كلّ ما عداه آفل زائل لا يملك لنفسه الثبوت والوجود ، فكيف يثبت لغيره ذلك ، فضلاً عن التدبير ومقام الربوبية ؟!
وهكذا اتخذ إبراهيم عليهالسلام هذا الاسلوب البليغ لايصال الناس إلى التوحيد ، وهي تشبه طريقته في كسر الأصنام وإبقاء صنم واحد ، وإرجاع قومه اليه ، كما ورد في قوله تعالى : ( قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلاَّ كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَن فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ *
قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ *
قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ *
فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ *
__________________
(١) سورة الأنعام : ٦ / ٧٥.
(٢) سوره الأنعام : ٦ / ٧٤.