المحور
الثاني
الدين
فطرة إنسانية
ها نحن نصل إلى أصل المطلب وجوهره ، وهو
إثبات النظرية الالهية في نشوء الدين التي تتمثل بكون الدين أمراً فطرياً كامناً
في نفس الإنسان لا يختلف ولا يتخلّف ، كما يظهر جلياً من قول الله تبارك وتعالى : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ
الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَٰلِكَ
الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ
) (١).
فمفاد هذه الآية المباركة ، هو المحور الذي سوف يدور عليه موضوع بحثنا ، وإثبات
النظرية الإسلامية الحقة ، بما يتلاءم مع آراء علماء النفس والانثروبولوجيا ،
ويتلاءم مع واقع الطبيعة البشرية كذلك.
ولكن لا بد لنا أوّلاً أن نعرف معنى
الفطرة ، ونثبت أصل وجودها ، لكي نستطيع أن نجعلها دليلاً وبرهاناً لنا.
المعنى
اللغوي للفطرة
مادة ( فَطَرَ ) وردت كثيراً في القرآن
، وهي تعني في هذه المواضع الخلق والابداع أي الايجاد بغير سابقة.
إلاّ أنّ هذه المادة بهذه الصيغة ـ أي بوزن
فِعلَة ـ لم ترد إلاّ في آية
__________________