الطغاة ، مع العلم بأن الذين حاربوه لم يحاربوه من أجل الدين بما هو دين وإنّما بسبب كون الدين الإسلامي يساوي بين السيد والعبد ، والفقير والغني ، فما زال شعاره « كلكم لآدم وآدم من تراب » و « المسلمون سواسية كأسنان المشط ، لا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى » ، ونفس المبدأ سار عليه أصحابه من بعده ، حتّى فتحوا الحصون والدول ، فانتشر الإسلام في بقاع الأرض بتعاليمه النيرة ، حتّى بلغ الشرق والغرب.
فالإسلام يحرّم القعود والخنوع والتميّع ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) (١). وقال تعالى : ( إِنَّ اللهَ اشْتَرَىٰ مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ... ) (٢). وقال تعالى : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) (٣).
إنّ الإسلام على خلاف أغلب الأديان ـ إذا لم نقل كلها ـ يجعل التقاعس عن مقارعة الظالمين إثماً ووزراً يعاقب عليه أتباعه ، قال تعالى : ( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (٤).
أما الأحاديث والروايات الصادرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته عليهمالسلام ، فإنها تشدّد على وجوب الجهاد وحرمة تركه بشكل كبير . نأتي منها بهذا
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٩٧.
(٢) سورة التوبة : ٩ / ١١١.
(٣) سورة الحج : ٢٢ / ٣٩.
(٤) سورة هود : ١١ / ١١٣.