المقدسات الدينية ،
ويعكس أوضاعها » .
وبهذا يظهر بطلان هذا الرأي ، الذي شبّه
الدين بالسحر ، وأن منشأ تكوّن الدين هو الخوف.
ونناقش ـ ثانياً ـ كلام « راسل » في
إثبات هذه النظرية ، فراسل يردّد النغمة السابقة في نظرية الجهل من حيث لا يشعر ،
لأن الخوف غالباً ما يكون بسبب الجهل وقد ناقشنا ذلك في النظرية الأولى.
ثم إن راسل ذيّل كلامه بقوله : ( وتفوّت
عليه ما يندم عليه في ساعات استقراره وهدوئه ) ، فهو يعترف أن في الإنسان بعدين ،
هما الجانب الغريزي ، والجانب الإنساني العلوي ، والذي منه استمدّ فكره وشخصيه.
ويمكن أن نسأل راسل ، أنّ هذا الندم من
أي جانب من جانبي الإنسان يصدر ؟ هل من جانبه الروحي العلوي ، أم من جانبه الغريزي
الحيواني ؟.
فإذا كان الثاني ، فلماذا لا نرى هذا
الشعور لدى الحيوانات ، على الرغم من الاشتراك ما بين الحيوان والإنسان في هذا
البُعد وهذا الجانب ؟.
وإذا كان الأوّل ـ وهو الجانب الروحي ـ فلماذا
لا يكون الواعز الديني ، والانشداد إلى عالم الغيب صادراً منه ، كأيّ نتاج إنساني
آخر ، كالفن والفكر والصناعة وغيرها ؟
والعجب من راسل كيف لا يلتفت إلى أن
طبيعة الإنسان الفطرية هي البحث عن الحقيقة ، ومحاولة معرفة العلل المحيطة به ،
وسبر المجهول والغيب ؟ ألم يفكر الإنسان في ذلك الزمان في سبب وجوده ، ووجود
__________________