خلاله تثبت كل المبادئ الحقة ، الّتي من أهمها النبوة والمعاد ، المتمثلة بالإسلام الّذي هو دين الله كما قاله سبحانه : ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلامُ ) (١).
فالدين منهج تقتضيه فطرة الإنسان وعقله ـ كما سوف نرى إن شاء الله ـ ، لذلك لا نجد قوماً من الأقوام ، وعلى مرور الأزمان ، ليس لهم دين يدينون به ، ومعبود يعبدونه .
ولا يضر بهذه القاعدة العامة اولئك الذين انحرفوا عن هذا الأمر الفطري ، حيث أنكروا الله في ألسنتهم إلاّ أن قلوبهم مطمئنة به قطعاً ، ولكن الظلم والتكبّر هو السبب الكامن وراء ذلك الانكار الظاهري ، ثم إنّ انحراف هؤلاء لا يضر بفطرية الدين أو كون التصديق بالمعبود وعبادته أمراً فطرياً .
ان بحثنا هذا ، يتناول موضوعاً مهماً وأساسياً في سير الإنسان الفكري والعملي ، وهو « فطرية الدين » والذي نطقت به الآية المباركة : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) (٢).
وسوف نناقش بعض النظريات الوضعية في تفسيرها لظاهرة وجود الدين عند الإنسان ، معتمدين الاختصار والتيسير تمشياً مع الحاجة إلى ثقافة دينية ميسرة. والله من وراء القصد.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٩.
(٢) سورة الروم : ٣٠ / ٣٠ ـ ٣٢.