وزجر عن المعاصي
وقوله من بعد لرسوله صلّى الله عليه وسلم ( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ
أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ
وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ) دلالة على ان النبوّة لا تعصمه من الوعيد اذا عصى فكيف
يكون حال غيره.
[ مسألة ] وما
معنى قوله تعالى ( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ
فَأَتَمَّهُنَّ ) كيف يجوز في كلمات الله ان يتمها ابراهيم. وجوابنا ان
المراد فيه انه ابتلاه بما يدل عليه الكلمات من العبادات وانه بامتثال ذلك أتم ما
يلزمه وقد قيل انه علمه من أسمائه الحسنى ما يصير بذلك من أهل النبوّة ولذلك قال
تعالى بعده ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) فبين ان هذه
الكلمات هي كالمقدمة لذلك وبين تعالى انه قد يكون في ذريته من يكون ظالما فلا
يستحق النبوّة والامامة فقال ( لا يَنالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ ) وبين تعالى انه جعل بيته الذي هو الكعبة ( مَثابَةً
لِلنَّاسِ وَأَمْناً ) يثوبون اليه حالا بعد حال للعبادة فقد كان في شريعة
ابراهيم صلّى الله عليه وسلم الحج على قريب مما هو في شريعتنا وجعل الله تعالى
الحرم آمنا في أشياء كثيرة ثمّ أمر أن يسأل ربه أن يجعل الحرم آمنا وأن يؤتيهم من
الطيبات وقد فعل تعالى لكنه سأل ذلك للمؤمنين فاجابه الله تعالى للكل فقال ( وَمَنْ
كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ ) وذلك لان عادة
الله تعالى في الدنيا أن يعم خلقه بالارزاق بحسب المصالح فلا يحرم العاصي بمعصيته
ولا يفضل المؤمن لإيمانه لكنه يدبرهم بحسب الصلاح ودل قوله تعالى ( وَإِذْ يَرْفَعُ
إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ ) على انهما تعبدا
ببناء البيت فلذلك قالا ( رَبَّنا تَقَبَّلْ
مِنَّا ) الى سائر ما دعوا الله تعالى.
[ مسألة ] قالوا
ما معنى ( رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ
ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ) ان كان الاسلام من فعل العبد. وجوابنا ان