في الحال وذلك لا يجوز على الانبياء. وجوابنا أنه قبل عذرهم في الوقت وانما وعدهم باستغفار مستقبل يقتضي استدعاء حصول المغفرة من قبل الله تعالى فاراد الدعاء لله تعالى وذلك مما لا يجب في الوقت وانما الذي يلزم في الحال قبول العذر فقط كما قال يوسف عليهالسلام ( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ) ويحتمل أنه عليهالسلام لم يعرف أن مقصدهم بقولهم ( اسْتَغْفِرْ لَنا ) الاعتذار الخالص وان كانوا قد تابوا من قبل فقال سوف استغفر لكم ربي اذا عرفت منكم الاخلاص. فان قيل كيف قالوا وقد دخلوا عليه أنك لأنت يوسف وقد ترددوا عليه حالا بعد حال حتى قال ( أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي ) وكيف يخفى عليهم حديث أخيهم خاصة وكيف قال لهم ( إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ ) وكانوا أنبياء. وجوابنا ما تقدم من أن حال يوسف كان قد تغير في صورته وفي محله وكانوا لا يتأملون تأمل متعرف فلذلك خفى عليهم فأما أخوه فكانوا يعرفونه ولم يقل يوسف ( وَهذا أَخِي ) لانهم لم يعرفوه لكنه أراد اظهار نعمة الله عليه باجتماع أخيه معه ولذلك قال ( قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) فاما قوله ( إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ ) فالمراد به أيام الصبا وقد يقال لمن لا يعرف الامور انه جاهل لا على طريق الذم. فان قيل فما معنى قوله وقد آوى اليه أبويه ( ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ ) وكانوا قد دخلوا. وجوابنا انهما التقيا به خارج مصر فقال ما قال وذلك صحيح وهذا كما يستقبل المرء من يعظمه خارج البلد وأراد بذلك تعريفهم انهم تخلصوا مما كانوا عليه من المحق والمجاعة في ذلك البدو. فان قيل فما معنى ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً ) وكيف يسجدون له وذلك من العبادات التي لا تليق الا بالله تعالى. وجوابنا ان رفعه لهما على العرش كان على وجه الاعظام وايصال السرور اليهما برفعهما على السرير المرتفع فاما السجود فقد يحسن شكرا لله اذا وصل المرء الى نعم عظيمة فيجوز أن يكون سجودهما له على هذا الوجه وأضيف السجود اليه لما كان سبب ذلك كما يضاف