يُرْضُوهُ ) فذكرهما ثمّ وحّد كيف ذلك. وجوابنا ان الواجب ان لا يذكر تعالى مع غيره بل يجب أن يفرد بالذكر إعظاما وقد روي انه صلّى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول الله ورسوله فقال الله ثمّ رسوله ، ولذلك قال تعالى بعد ذكر نفسه ورسوله ( وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ) فأفرد ذكره وقد أفرد الله ذكر جبريل وميكائيل عن الملائكة تفخيما لهما وتعظيما ، فما ذكرناه أحق وأولى.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) كيف يصح ذلك وأكثر الفساق لا يوصفون بالنفاق. وجوابنا انه تعالى بيّن في المنافقين انهم كذلك لأن جميع المنافقين هم فاسقون ، وانما كان يحب ذلك لو قال ان الفاسقين هم المنافقون.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ ) كيف يصح ذلك في تعذيب المنافقين وانما يستعمل حسب في الخير ويستعمل في خلافه حسيب. وجوابنا ان المراد بذلك الزجر عن النفاق كما تزجر من ينهمك في شرب الخمر ، فتقول حسبك هذا الفعل فيكون على وجه الزجر لا على وجه الوصف ولذلك قال تعالى بعده ( وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ ) ثمّ انه تعالى بعد ذكر قصة المنافقين ذكر ما يحقق عدله وحكمته فقال ( فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) ولو كان الظلم خلقا لله تعالى لكان هو الظالم دون أنفسهم ثمّ ذكر بعده جل وعز طريقة المؤمنين فقال ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ ) فوقف رحمته تعالى على من هذه صفته ، وبين انها صفة المؤمنين وان من ليس هو كذلك لا يمدح بالايمان ، وبين انه وعدهم جنات عدن على ما وصف ووعدهم برضوان من الله وان ذلك من باب الانعام الاكبر