الدنيا لا يكون عقوبة لان الله تعالى يفعله تفضلا أو مصلحة في الدين لكنهما لما جاز أن يكونا فتنة ومحنة وسببا للعقوبة من حيث يغتر المرء بهما فينصرف عن طريق الطاعة الى خلافه جاز أن يقول تعالى ذلك بعثا للعباد عن هذا الجنس من الاغترار وهذا كقوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) ويحتمل أن يريد أنه يعذبهم في الآخرة بها فيكون التعذيب متناولا الآخرة دون الدنيا.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) كيف يصح أن يأمر الله تعالى ببذل المال تالفا على الدين ومتى صاروا الى الدين للمال لم ينتفعوا به. وجوابنا ان ذلك وان كان في الحال لا ينتفع به فقد يكون تلطفا في الاستدراج اليه فيصير الواحد منهم بذلك من أهل الدين وقد أمرنا الله تعالى بأن نأخذ أولادنا بالصلاة لمثل هذا المعنى وان كانوا لا ينتفعون بالصلاة وليسوا مكلفين. واختلف العلماء في المؤلفة هل يدخلون الآن في سهم من الزكاة فأكثرهم يمنع من ذلك لظهور الاسلام وقوته واستغنائه عن تألف قوم في الذّبّ عنه والمجاهدة فيه ومن العلماء من يقول بل سهمهم ثابت ابدا واذا وجد من ليس يقوى على الايمان ويظن أنه يصير من أهل القوة فيه اذا دفع ذلك اليه فيكون حاله كحال سهم في سبيل الله للذين يجاهدون.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ ) كيف يصح ان يكون خيرا وما يسمع قد يكون الخير والشر والصواب والخطأ. وجوابنا انه تعالى قيد ذلك فقال بعده ( يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ) فبين انه اذن يقبل ما تكون هذه صفته وقبول الخير وما يؤدي الى الخير هو طريقة الصالحين.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ