فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) على وجه الدفع لهم عن الكفر وغيره فكيف يصح أن يكون مع ذلك مزينا لما فعلوه وقد بيّن تعالى في غير موضع أن الشيطان هو المزين لعملهم وقد قيل ان المراد زينا أعمالهم من حيث ميل الطبع والشهوة وأمرناهم مع ذلك بالمخالفة والجواب الأول أبين.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ ) ان ذلك يدل على انه تعالى يخلق في قلوبهم الكفر والايمان قالوا ويقوي ذلك قوله ( وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ).
وجوابنا ان المراد بذلك أنه يجعلهم كذلك في الآخرة فتقلب أفئدتهم وأبصارهم في النار تنكيلا لهم وأما قوله ( وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) فالمراد أنه يخلي بينهم وبين ما اختاروه فلا يمنعهم كما نقول فيمن بصرناه برشده فلم يقبل قد تركناه ورأيه لأنا لم نكره ذلك منه وبين صحة ذلك قوله تعالى من بعد ( وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا ) فنبه بذلك على انهم خلاهم لعلمه بسوء فعالهم وانهم لا يعدلون الى الطريقة المثلى ومعنى قوله ( ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ ) ان يلجئهم الى الايمان لكن ذلك لا ينفع وانما ينتفعون بما يفعلونه اختيارا فيستحقون به الثواب.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها ) وان ذلك يدل على أن مكرهم بكفرهم من قبله تعالى. وجوابنا ان المراد بينا ذلك من حالهم كما يقال في الحاكم انه جعل الشاهد مزورا اذا بيّن ذلك من حاله ويقال ان المعتزلة جعلت المشبهة كفارا لما بينوا ذلك من حالهم كما يقال ان الحنفي جعل الوتر واجبا لما ذهب هذا المذهب فأما قوله تعالى ( لِيَمْكُرُوا فِيها ) فالمراد