الظالمون واخرى هم
الفاسقون وجوابنا ان المراد به اليهود لان هذه الآيات واردة فيهم ولأنه تعالى قال
بعده ( وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ ) وذلك صفة اليهود وهم كفار وقد قيل فيه ان المراد به من لا
يحكم بما أنزل الله مستحلاّ له وقيل ان المراد ومن لم يحكم بشيء مما أنزل الله فلا
يلزم ما قالوه وان تعلق بذلك الخوارج فلم يصح لأكثرهم ففيهم من لا يقول بأن من لم
يحكم بما أنزل الله يكون كافرا اذا كان صغيرا أو كان على التأويل أو على السهو فلا
بد من أن يرجع الى ما ذكرناه من التأويل.
[ مسألة ] وربما
قيل في قوله تعالى ( وَآتَيْناهُ
الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ
التَّوْراةِ ) كيف يصح ذلك وشريعة عيسى مخالفة لشريعة موسى. وجوابنا أن
وقوع النسخ في الشرائع لا يخرجها من أن تكون متفقة كما أن اختلاف الشرع في الغني
والفقير والمقيم والمسافر لا يخرج الشرع من أن يكون متفقا ، لأن كل شيء من ذلك
صلاح في وقته وعلى هذا الوجه بيّن تعالى في القرآن أنه مصدق للتوراة والانجيل
والزم رسوله اذا حكم بينهم أن يحكم بالقرآن وأن لا يتبع أهواءهم التي هي بخلاف
القرآن. وبيّن بعد ذلك بقوله ( لِكُلٍّ جَعَلْنا
مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً ) أن الذي يجمع الكل في كونه مصلحة يخرجه من أن يكون مختلفا
بل يكون بعض مصدقا لبعض ولذلك قال تعالى بعده ( وَلَوْ شاءَ اللهُ
لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ
فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ
بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) فجعل اختلافهم ثابتا في المذاهب التي هي مخالفة للحق لا في
الشرائع الحقة.
[ مسألة ] وربما
قيل في قوله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) كيف يصح مع الذي
بينهما من المعاداة. وجوابنا انه تعالى لم يعين البعض وبعض من النصارى