يقاتل في سبيل
الله والكافر يقاتل في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان ان كيد الشيطان كان
ضعيفا. ثمّ بيّن ان من كتب عليهم القتال قالوا ( رَبَّنا لِمَ
كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) وبيّن ان حياة
الدنيا قليل وان الآخرة خير لمن اتقى ثمّ بين ان الذي لأجله تحذرون الجهاد نازل
بكم وان كنتم في القصور والبروج فلا وجه لرغبتكم عن الجهاد مع الثواب العظيم حذرا
من ذلك.
[ مسألة ] وربما
قيل في قوله ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ
مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ
قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) أو ما يدل على ان الحسنات والسيئات من خلق الله. وجوابنا
أن المراد بهذه الحسنة الخصب والرخاء وبهذه السيئة الشدة والأمراض فقد كانوا
يقولون في مثل ذلك انها بشؤم محمد صلّى الله عليه وسلم ينفرون العوام عن اتباعه
ولذلك قال تعالى عنهم ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ
سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ) والأمر يذهب في السيئات الى انها من عند غير المكتسب وغير
الله يدل على ذلك قوله تعالى من بعد ( ما أَصابَكَ مِنْ
حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) وأراد بذلك ما
يفعله المرء من الطاعة والمعصية ولو لا صحة ما ذكرناه لكان الكلام متناقضا ولقالت
العرب لرسول الله صلّى الله عليه وسلم أنت تزعم في القرآن انه لو كان من عند غير
الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وقد وجدنا ذلك وانما عدلوا عن هذا القول لأنّ
المراد بالأوّل المصائب والأمراض وبالثاني المعاصي فأضافها الى نفس الانسان.
[ مسألة ] وربما
قيل في قوله تعالى ( وَلَوْ لا فَضْلُ
اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَلِيلاً ) كيف يصح أن
يستثنى القليل وفضل الله ورحمته على الجميع وجوابنا أن هذا الاستثناء قد اختلف فيه
فقال بعضهم انه راجع الى ما تقدم وهو قوله ( وَإِذا جاءَهُمْ
أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ