أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ ) فكأنه قال أذاعوا به الا قليلا منهم وقال بعضهم هو راجع الى قوله ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) الا قليلا وقال بعضهم هو راجع الى قوله ( وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ) فكأنما كان يصح طعن هذا الطاعن لو لم يصح رجوع هذا الاستثناء الى هذا الوجه الآخر فأما اذا صح رجوعه الى الوجهين الأوّلين فقد زال الطعن ومع ذلك فانه يحتمل في هذا الفضل أن يكون المراد به باللطف في باب الدين فبيّن تعالى انه لو لا ذلك اتبعوا الشيطان الا قليلا فانهم مما لا لطف لهم واذا لم يكن لهم لطف لم يكن لفعل ذلك بهم معنى فهم يطيعون مع عدم هذا الفضل فهذا الطعن زائل على كل وجه.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ ) ان ذلك يقتضي أنه المخصوص بتكليف الجهاد. وجوابنا أن المراد أنه لم يكلف هو الجهاد الا في نفسه ولم يكلف جهاد غيره وانما كلف في غيره البعث على ذلك والأمر به ولذلك قال تعالى بعده ( وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ).
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ ) انه يدل على انه يضل الكافر. وجوابنا ان ذلك دليلنا لانه تعالى قال في المنافقين ( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا ) فبين تقدم نفاقهم وبيّن نزول اللعن بهم ثمّ قال ( أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا ) وأراد هنا الثواب والمدح من أضل الله على ما تقدم من كفره وقد بيّنا ذلك في أول الكتاب.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ