الأيام إلى علي بن يقطين ثياباً أكرمه بها ، وكان من جملتها درّاعة خزّ سوداء من لباس الملوك ، مثقّلة بالذّهب ، فأنفذ علي بن يقطين جلّ (١) تلك الثياب إلى موسى بن جعفر عليهما السلام ، وأنفذ من جملتها تلك الدرّاعة ، وأضاف إليها مالاً كان أعدَّه على رسم له فيما يحمله من خمس ماله .
فلمّا وصل ذلك إلى أبي الحسن عليه السلام قَبِلَ المال والثياب وردّ الدرّاعة على يد الرسول إلى عليّ بن يقطين ، وكتب إليه : «احتفظ بها ، ولا تخرجها من يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج معه إليها» . فارتاب عليّ بن يقطين بردّها إليه ، ولم يدر ما سبب ذلك ، واحتفظ بالدرّاعة ، فلمّا كان بعد أيام تغير علي بن يقطين على غلام له كان يختصّ به ، فصرفه عن خدمته ، وكان الغلام يعرف ميل علي بن يقطين إلى أبي الحسن عليه السلام ، ويقف على ما يحمله إليه في كلّ وقت من الأوقات من مال وثياب وألطاف وغير ذلك ، فسعى به إلى الرشيد وقال : إنَّه يقول بإمامة موسى بن جعفر عليهما السلام ويحمل إليه خمس ماله في كلّ سنة ، وقد حمل إليه الدرّاعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا . فاستشاط الرشيد لذلك ، وغضب غضباً شديداً ، وقال : لأكشفن عن هذا الحال ، فإن كان الأمر كما تقول أزهقت نفسه (وأمر في الحال) (٢) بإحضار علي بن يقطين .
فلمّا مثل بين يديه قال : ما فعلت بالدرّاعة التي كسوتك إيّاها ، قال : هي عندي يا أمير المؤمنين في سفط مختوم ، فيه طيب ، قد احتفظت بها ، وكلّما أصبحت فتحت السفط ونظرت إليها تبركاً بها ،
___________________
المعجزات : ٩٩ ، روضة الواعظين : ٢٥٥ ، اثبات الهداة ٣ : ١٩٣ / ٧٣ ، مدينة المعاجز : ٤٢٨ ، عن كتابنا هذا .
(١) في ر : أجمل .
(٢) في م : وانفذ في الوقت .