فلمّا سمع الجاثليق (١) ورأس الجالوت ذلك علما أنّ الرضا عليه السلام عالم بالتوراة والإِنجيل والزبور ، فقالا : والله ، لقد أتى بما لا يمكننا ردَّه ، ولا دفعه ، إلّا بجحود التوراة والإِنجيل والزبور ، وقد بشّر به موسى وعيسى جميعاً ، ولكن لم يتقرر عندنا صحة أنّه محمّد هذا ، وأمّا اسمه محمّد فلا يجوز لنا أن نقرّ لكم بنبوته ، ونحن شاكّون أنه محمّدكم أو غيره .
فقال الرضا عليه السلام : «احتججتم بالشك (٢) ، فهل بعث الله قبل أو بعد من ولد آدم إلى يومنا هذا نبيّاً اسمه محمّد ؟ أو تجدونه في شيء من الكتب التي أنزلها الله تعالى على جميع الأنبياء غير محمّد ؟» فأحجموا عن جوابه ، وقالوا : لا يجوز لنا أن نقرّ لكم بأنّ محمّداً أنّه محمّدكم ، لأنا إن أقررنا لكم بمحمّد ووصيّه وابنته وابنيه على ما ذكرتم أدخلتمونا في الإِسلام كرهاً .
فقال الرضا عليه السلام : «أنت يا جاثليق آمن في ذمّة الله ، وذمّة رسوله أنّه لا ينالك منّا شيء تكره ممّا تخافه وتحذره» .
قال : فأمّا إذا آمنتني ، فإنّ هذا النبيّ الذي اسمه (محمّد) وهذا الوصي الذي اسمه (عليّ) وهذه البنت التي اسمها (فاطمة) وهذان السبطان اللذان اسمهما (الحسن والحسين) في التوراة والانجيل والزبور .
قال الرضا «فهذا الذي ذكرته في التوراة والانجيل والزبور من اسم هذا النبيّ (ص) ، وهذا الوصيّ ، وهذه البنت ، وهذين السبطين ، صدق وعدل ، أم كذب وزور ؟» .
قال : صدق وعدل ، وما قال الله إلّا الحقّ .
فلمّا أخذ الرضا إقرار الجاثليق بذلك ، قال لرأس الجالوت :
___________________
(١) في ر ، ك ، م زيادة : عالم اليهود .
(٢) في ع : احتجزتم .