الله (ص) بخيمة أمّ معبد ، توضّأ للصلاة ، ومجّ ماءً في فيه على عوسجة يابسة ، فاخضرّت وأنارت (١) ، وظهر لي خضر ورقها ، وحسن حملها ، وكنا نتبرك بها ، ونستشفي بها للمرضى .
فلمّا توفي رسول الله (ص) ذهبت بهجتها ونضارتها .
فلمّا قتل أمير المؤمنين عليه السلام انقطع ثمرها .
فلمّا كان بعد مدّة طويلة أصبحنا يوماً وإذا بها قد انبعث من ساقها دم عبيط ، وورقها ذابل يقطر منه مثل ماء اللحم ، فعلمنا أنه حدث حدثٌ عظيم ، فبتنا ليلتنا مهمومين فزعين نتوقع الداهية .
فلمّا أظلم الليل علينا سمعنا بكاءً وعويلاً من تحتها ووجبة شديدة وضجّة ورجّة ، وصوت باكية تقول : يا ابن النبيّ ، يا ابن الوصيّ ، ويا ابن البتول ، ويا بقيّة السادة الأكرمين . ثمّ كثرت الرنّات والأصوات ، ولم أفهم كثيراً ممّا يقولون ، فأتانا بعد ذلك قتل الحسين عليه السلام ، ويبست الشجرة ، وجفّت ، وذهب أثرها .
١٠٨ / ١١ ـ وعن عروة بن أبي الجعد البارقيّ ، قال : قدم جلب (٢) فأعطاني النبيّ (ص) ديناراً وقال : «اشتر بها شاة» فاشتريت شاتين بدينار ، فلحقني رجل ، فبعت إحداهما منه بدينار ، ثمّ أتيت النبيّ (ص) بشاة ودينار ، فردّه عليَّ وقال : «بارك الله لك في صفقة يمينك» ولقد كنت أقوم [ بعد ذلك ] بالكناسة ـ أو قال بالكوفة ـ فأربح في اليوم أربعين ألفاً .
___________________
(١) أنارت : أي أخرجت النور ، وهو الورد الأبيض . «لسان العرب ـ نور ـ ٥ : ٢٤٣» .
١١ ـ مسند أحمد بن حنبل ٤ : ٣٧٦ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٠ / ٢٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٥٩ / ١٢٥٨ .
(٢) جلب : أي ما يجلب من البضاعة من بلد إلى بلد «لسان العرب ـ جلب ـ ١ : ٢٦٨» .