٢ ـ لم يرد في لغة العرب استعمال لفظ القربى بمعنى التقرب.
٣ ـ إنّ التقرب إلى اللّه سبحانه هو محتوى ومضمون الرسالة نفسها ، فكيف يطلب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم التقرب إلى اللّه تعالى لأجل التقرب إلى اللّه تعالى ، وهذا أمر لا يعقل ولا يرتضيه الذوق السليم لأنّه يؤدي إلى أن يكون الأجر والمأجور عليه واحد.
على أن في هذه الآية قولين آخرين هما أبعد مما ذكرناه ، فلا يُعبأ بهما ، ومن مجمل ما تقدم يتبين أن المراد بالمودة في القربى ، مودة قرابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم عترته من أهل بيته عليهمالسلام ، وقد تكاثرت الروايات من طرق العامّة والشيعة في تفسير الآية بهذا المعنى على ما بيناه في أول الفصل ، ويؤيده الأخبار المتواترة من طرق الفريقين على وجوب موالاة أهل البيت عليهمالسلام ومحبتهم.
وقال الزمخشري بعد اختياره لهذا الوجه : فان قلت : هلاّ قيل : إلاّ مودة القربى ، أو إلاّ المودة للقربى؟ وما معنى قوله : إلاّ المودة في القربى؟
قلت : جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها ، كقولك : لي في آل فلان مودة ، ولي فيهم هوى وحبّ شديد ، تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله.
قال : وليست (في) بصلة للمودة كاللام ، إذا قلت : إلاّ المودة للقربى ، إنّما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك : المال في الكيس ، وتقديره : إلاّ المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها (١).
إنّ التأمل في هذا التأكيد على ثبوت المودة في القربى وتمكنها فيهم
__________________
١) الكشاف ٤ : ٢١٩.