ما قتل بتجربته بالذين يتفادون اليه بالقتل ولا يدعونه يجاورهم. وهبه تتبع هذا كله وأكثره سم قاتل أن زيد على قدره قتل وان نقص عن قدرة بطل ، وهبه تتبع هذا كله وطاف مشارق الارض ومغاربها وطال عمره فيها بتتبعه شجرة شجرة وبقعة بقعة كيف كان له تتبع مالم يدخل في ذلك من مرارة الطير والسباع ودواب البحر هل كان بد حيث زعمت أن ذلك الحكيم تتبع عقاقير الدنيا شجرة شجرة حتى جمعها كلها فمنها ما لا يصلح ولا يكون دواء إلا بالمرار هل كان بد من أن يتتبع جميع طير الدنيا وسباعها ودوابها دابة دابة وطائراً طائراً يقتلها ويجرب مرارها كما بحث في تلك العقاقير على ما زعمت بالتجارب ، ولو كان ذلك فكيف بقيت الدواب وتناسلت وليست بمنزلة الشجرة إذا قطعت شجرة نبتت أخرى وهبه أتى على طير الدنيا كيف يصنع بما في البحر من الدواب التي كان ينبغي أن يتتبعها بحراً بحراً ودابة دابة حتى أحاط به كما أحاط بجميع عقاقير الدنيا التي بحث عنها حتى عرفها ، فانك مهما جهلت شيئاً من هذا لا تجهل أن دواب البحر كلها تحت الماء فهل يدلك العقل والحواس على أن هذا يدرك بالبحث والتجارب قال : لقد ضيعت عليّ المذاهب فما أدري بماذا أجيبك.
فقلت سأبرهن لك بغير هذا مما هو أوضح وأبين مما اقتصصت عليك ألست تعلم أن هذه العقاقير التي منها الأدوية والمرار من الطير والسباع لا يكون دواء إلا بعد الاجتماع ؟ قال هو كذلك. قلت : فاخبرني كيف أدركت حواس هذا الحكيم الذي وضع هذه الأدوية مثاقيلها وقراريطها فانك أعلم الناس بذلك لأن صناعتك الطب ، وأنت قد تدخل في الدواء الواحد من اللون الواحد وزن أربعمائة مثقال ومن الآخر ثلاثة أو أربعة مثاقيل وقراريط فما فوق ذلك أو دونه حتى يجيء بقدر واحد معلوم إذا سقيت منه صاحب البطنة بمقدار عقد بطنه ، وإن سقيت صاحب القولنج أكثر من ذلك استطلق بطنه ، والآن فكيف أدركت حواسه على هذا ، أم كيف عرف بحواسه ان الذي يسقى لوجع الرأس لا ينحدر إلى الرجلين والانحدار أهون عليه من الصعود والذي يسقى لوجع