وكثر المعالجون به حتى قصدهم المرضى من كل حدب وصوب للاستشفاء.
أما أبو عبدالله الصادق عليهالسلام ، فقد كان ناديه في ذلك العصر مهوى قلوب رواد الفضل والفضيلة ، والمدرسة الكبرى لكل علم وفن وفلسفة وأدب إذ كان «ع» يلقي فيه على أصحابه وتلامذته والمنتهلين من بحر علومه من كل ما يشفي غليل القلوب الصادية ويروي النفوس المتعطشة المتشوقة إلى طلب المعارف السامية دروساً بليغة لم تكن تدركها عقول علماء ذلك الجيل لولاه ، ولم تقف على أسرارها فحول الحكماء في ذلك العصر لو لم يوضحها لهم.
ونظرة واحدة في كتاب توحيد المفضل (١) وتأمل بسيط في بعض مناظراته الطبية مع أطباء عصره يكفيانك دليلاً على وفور علمه الغزير وكامل معرفة بهذا العلم الجليل ثم ينبئانك أن أقواله القيمة وكلماته الحكيمة في الطب لم تكشف حقيقتها ولم يدرك مغزاها أطباء عصره كما إكتشفت بعد عدة قرون ، حيث تدرج الفكر البشري مرتقياً ـ حسب نظرية النشوء والارتقاء ـ وأخذت أفكار نطس الاطباء وعقول جهابذة العلماء والحكماء تنمو بالتجارب وتتقدم بالاكتشافات حتى بلغت عصرنا الحاضر عصر النور والعلم والاختراع فادركت أسرار كلامه ووقفت على مكنون أقواله في الطب.
وقليلاً من كثير مما ذكرته الكتب وأخبرتنا به الاحاديث الصحيحة المسندة من وصفاته الطبية ومناظراته الدالة على معرفته الكاملة في أصول الطب وفروعه.
وإليك فيما يلي من الفصول الآتية بعض ماوصلنا إليه من كلامه «ع» :
__________________
(١) مجموعة محاظرات ألقاها الإمام «ع» على تلميذه المفضل في إثبات التوحيد وقد شرحناها في أربعة أجزاء.