يبتدرون اخفاف ناقته يقفون إلى جنبها فنحاها ففعلوا مثل ذلك فقال : (ايها الناس انه ليس موضع اخفاف ناقتي الموقف ولكن هذا كله موقف) وأومى بيده إلى الموقف فتفرق الناس ، وفعل مثل ذلك بمزدلفة فوقف حتى وقع القرص قرص الشمس ، ثم أفاض وأمر الناس بالدعة حتى إذا انتهى إلى المزدلفة وهي المشعر الحرام فصلى المغرب والعشاء والآخرة باذان واحد واقامتين ، ثم اقام حتى صلى فيها الفجر ، وعجل ضعفاء بني هاشم بالليل وأمرهم ان لا يرموا الجمرة جمرة العقبة حتى تطلع الشمس ، فلما اضاء له النهار افاض حتى انتهى إلى منى فرمى جمرة العقبة ، وكان الهدي الذي جاء به رسول الله صلىاللهعليهوآله اربعا وستين أو ستا وستين ، وجاء علي عليهالسلام باربع وثلاثين أو ست وثلاثين ، فنحر رسول الله صلىاللهعليهوآله منها ستا وستين ونحر علي عليهالسلام اربعا وثلاثين بدنة ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة من لحم ثم تطرح في برمة ثم تطبخ ، فاكل رسول الله صلىاللهعليهوآله منها وعلي عليهالسلام وحسيا من مرقها ، ولم يعط الجزارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها ، وتصدق به ، وحلق وزار البيت ورجع إلى منى فاقام بها حتى كان اليوم الثالث من آخير ايام التشريق ، ثم رمى الجمار ونفر حتى انتهى إلى الابطح ، فقالت له عائشة : يارسول الله ترجع نساؤك بحجة وعمرة معا وارجع بحجة!. فاقام بالابطح وبعث معها عبد الرحمن بن ابي بكر إلى التنعيم (١) فاهلت بعمرة ثم جاءت فطافت بالبيت وصلت ركعتين عند مقام ابراهيم عليهالسلام وسعت بين الصفا والمروة ، ثم أتت النبي صلىاللهعليهوآله فارتحل من يومه ولم يدخل المسجد ولم يطف بالبيت ، ودخل من اعلا مكة من عقبة المدنيين ، وخرج من اسفل مكة من ذي طوى.
__________________
(١) التنعيم : موضع قريب من مكة يينه ويينها أربعة أميال.
(ـ ٥٨ ـ التهذيب ج ٥)