وجد في الحرم شيخا ناسكا يسبح بلعن ملا صدرا وملا محراب ، ولما سأله عن السبب في لعنهما قال : لأنهما يقولان ( بوحدة واجب الوجود ) ، فقال له ساخرا : إنهما حقا يستحقان منك اللعن!
ودرس أيضا شيخنا المترجم له ـ والظاهر أن ذلك في اصفهان أيضا ـ على العالمين الكبيرين : الشيخ محمد بن الحكيم العالم الحاج محمد زمان ، والشيخ محمد مهدي الهرندي. وهما من اساتذة الفلسفة على ما يظهر.
ولا شك أنه انتقل الى كربلاء والنجف ، فدرس على الأعلام الثلاثة : الوحيد البهبهاني الآتي ذكره ـ وهو آخر اساتذته وأعظمهم ، وتخريجه كان على يديه ـ والفقيه العالم صاحب الحدائق الشيخ يوسف البحراني المتوفى عام ١١٨٦ ه ، والمحقق الجليل الشيخ مهدي الفتوني المتوفى عام ١١٨٣ ه
فجملة اساتذته سبعة ، سماهم ولده في بعض اجازاته على ما نقل عنه ب ( الكواكب السبعة ). وهم خيرة علماء ذلك العصر ، وعلى رأسهم الآقا الوحيد استاذ الاساتذة.
ولما فرغ هذا الشيخ من التحصيل في كربلاء ، رجع الى بلاده واستقام في كاشان. وهناك أسس له مركزا علميا تشدّ إليه الرحال ، بعد أن كانت كاشان مقفرة من العلم والعلماء ، واستمرت بعده على ذلك مركزا من مراكز العلم في ايران ، وليس لدينا ما يشير الى تأريخ انتقاله الى كاشان.
ورجع الى العراق ، وتوفي في النجف الأشرف ودفن فيها. والظاهر ان مجيئه هذا ـ وكان معه ولده ـ بعد استاذه الوحيد ، جاء لزيارة المشاهد المقدسة فتوفي. أما ولده فقد بقي بعده ليدرس العلم على أعلامه يومئذ ، كبحر العلوم ، وكاشف الغطاء.
عصره
يمضي القرن الثاني عشر للهجرة على العتبات المقدسة في العراق ، بل على اكثر المدن الشيعية في ايران التي فيها مراكز الدراسة الدينية العالية ـ كاصفهان وشيراز وخراسان ـ وتطغى فيه ظاهرتان غريبتان على السلوك الديني : الأولى : النزعة الصوفية التي جرّت الى مغلاة فرقة الكشفية. والثانية : النزعة الأخبارية.
وهذه الأخيرة خاصة ظهرت في ذلك القرن قوية مسيطرة على التفكير الدراسي ، وتدعو الى نفسها بصراحة لا هوادة فيها ، حتى أن الطالب الديني في مدينة كربلاء خاصة أصبح يجاهر بتطرفه ويغالي ، فلا يحمل مؤلفات العلماء الأصوليين إلا بمنديل ، خشية أن تنجس يده من ملامسة حتى جلدها الجاف. وكربلاء يومئذ اكبر مركز علمي للبلاد