الحاشية إلى السلام عليه ورفع الستر بين يديه ليدخل ، فلمّا حصلت لهم النفرة عنه تواصوا فيما بينهم ، وقالوا : إذا جاء ليدخل على الخليفة أعرضوا عنه ولا ترفعوا الستر له ، فاتّفقوا على ذلك.
فبينا هم قعود إذ جاء الرضا عليهالسلام على عادته ، فلم يملكوا أنفسهم أن سلّموا عليه ورفعوا الستر على عادتهم ، فلمّا دخل أقبل بعضهم على بعض يتلاومون كونهم ما وقفوا على ما اتّفقوا عليه ، وقالوا : النوبة الآتية إذا جاء لا نرفعه له ، فلمّا كان في ذلك اليوم جاء فقاموا وسلّموا عليه ووقفوا ولم يبتدروا إلى رفع الستر ، فأرسل الله ريحا شديدة دخلت في الستر فرفعته أكثر ممّا كانوا يرفعونه ثمّ دخل فسكنت الريح فعاد إلى ما كان ، فلمّا خرج عادت الريح ودخلت في الستر فرفعته حتّى خرج ثمّ سكنت فعاد الستر.
فلمّا ذهب أقبل بعضهم على بعض وقالوا : هل رأيتم؟ قالوا : نعم ، فقال بعضهم لبعض : يا قوم ، هذا رجل له عند الله منزلة ولله به عناية ، ألم تروا أنّكم لمّا لم ترفعوا له الستر أرسل الله الريح وسخّرها له لرفع الستر كما سخّرها لسليمان ، فارجعوا إلى خدمته فهو خير لكم ، فعادوا إلى ما كانوا عليه وزادت عقيدتهم فيه (١).
ومنها : ما روي أنّه كان بخراسان امرأة تسمّى زينب ، فادّعت أنّها علويّة من سلالة فاطمة عليهاالسلام ، وصارت تصول على أهل خراسان بنسبها ، فسمع بها عليّ الرضا عليهالسلام فلم يعرف نسبها ، فأحضرت إليه فردّ نسبها ، وقال : « هذه كذّابة » ، فسفهت عليه وقالت : كما قدحت في نسبي فأنا أقدح في نسبك.
فأخذته الغيرة العلويّة فقال عليهالسلام لسلطان خراسان وكان لذلك السلطان بخراسان موضع واسع فيه سباع مسلسلة للانتقام من المفسدين ، يسمّى ذلك الموضع بركة السباع ، فأخذ الرضا عليهالسلام بيد تلك المرأة وأحضرها عند ذلك السلطان وقال : « هذه
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٤٩ : ٦٠ ـ ٦١ ، ح ٧٩ ، نقلا عن « كشف الغمّة » ٢ : ٢٦٠.