ولكنّي لا أبديه إلاّ في دار الوزير ، فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك ترى فيها غرفة ، فقل للوالي : لا أجيبك إلاّ في تلك الغرفة ، وسيأبى الوزير عن ذلك وأنت بالغ في ذلك ولم ترض إلاّ بصعودها ، فإذا صعد فاصعد معه ولا تتركه وحده يتقدّم عليك ، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوّة فيها كيس أبيض فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة ، ثمّ ضعها أمام الوالي وضع الرمّانة فيها لينكشف له جليّة الحال.
وأيضا يا محمّد بن عيسى ، قل للوالي : إنّ لنا معجزة أخرى وهي أنّ هذه الرمّانة ليس فيها إلاّ الرماد والدخان ، وإن أردت صحّة ذلك فأمر الوزير بكسرها فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته ».
فلمّا سمع محمّد بن عيسى ذلك من الإمام عليهالسلام فرح فرحا شديدا وقبّل بين يدي الإمام عليهالسلام فانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور ، فلمّا أصبحوا مضوا إلى الوالي ، وفعل محمّد بن عيسى كلّ ما أمره الإمام عليهالسلام وظهر كلّ ما أخبره ، فالتفت الوالي إلى محمّد بن عيسى وقال : من أخبرك بهذا؟
فقال : إمام زماننا وحجّة الله علينا.
فقال : ومن إمامكم؟ فأخبره بالأئمّة واحدا بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الأمر عليهمالسلام ، فقال : الوالي : مدّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله عبده ورسوله ، وأنّ الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ثمّ أقرّ بالأئمّة عليهمالسلام إلى آخرهم وحسن إيمانه وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم.
قال : وهذه القصّة مشهورة عند أهل البحرين ، وقبر محمّد بن عيسى عندهم معروف يزوره الناس (١).
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٥٢ : ١٧٨ ـ ١٨٠ ، باب نادر فيمن رآه عليهالسلام قريبا من زماننا.