أخبرني بعض الأفاضل الكرام والثقات الأعلام ، قال : أخبرني بعض من أثق به ، يرويه عمّن يثق به ويطريه أنّه قال : لمّا كانت بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج جعلوا واليها رجلا من المسلمين ليكون ادعى إلى تعميرها ، وأصلح بحال أهلها ، وكان هذا الوالي من النواصب ، وله وزير أشدّ نصبا منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبّهم لأهل البيت عليهمالسلام ، ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكلّ حيلة ، فلمّا كان في بعض الأيّام دخل الوزير على الوالي وبيده رمّانة فأعطاها الوالي ، فإذا كان مكتوبا عليها : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ خلفاء رسول الله.
فتأمّل الوالي ورأى الكتابة من أصل الرمّانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر ، فتعجّب من ذلك وقال للوزير : هذه آية بيّنة وحجّة قويّة على إبطال مذهب الرافضة فما رأيك في أهل البحرين؟
فقال له : أصلحك الله إنّ هؤلاء جماعة متعصّبون ينكرون البراهين ، وينبغي لك أن تحضرهم وتريهم هذه الرمّانة ، فإن قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل ، وإن أبوا إلاّ المقام على ضلالتهم فخيّرهم بين الثلاث : إمّا أن يؤدّوا الجزية وهم صاغرون ، أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البيّنة التي لا محيص لهم عنها ، أو تقتل رجالهم وتسبي نساءهم وأولادهم ونأخذ بالغنيمة أموالهم.
فاستحسن الوالي رأيه ، وأرسل إلى العلماء والأفاضل الأخيار والنجباء والسادة الأبرار من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمّانة ، وأخبرهم بما رأى فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف : من القتل والأسر وأخذ الأموال أو أخذ الجزية على وجه الصغار كالكفّار ، فتحيّروا في أمرها فلم يقدروا على جواب وتغيّرت وجوههم وارتعدت فرائصهم. فقال كبراؤهم : أمهلنا أيّها الأمير ثلاثة أيّام لعلّنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلاّ فاحكم فينا ما شئت.
فأمهلهم ، فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيّرين فاجتمعوا في مجلس