أهل الإمامة فسألت عن سبب تشيّعهم من بين أهل همذان.
فقال لي شيخ منهم رأيت فيه صلاحا وسمتا : إنّ سبب ذلك أنّ جدّنا الذي ننتسب إليه خرج حاجّا ، فقال : إنّه لمّا صدر من الحجّ وساروا منازل في البادية ، قال : فنشطت في النزول والمشي فمشيت طويلا حتّى أعييت وتعبت وقلت في نفسي : أنام نومة تريحني فإذا جاء أواخر القافلة قمت ، فقال : فما انتبهت إلاّ بحرّ الشمس ولم أر أحدا فتوحّشت ولم أر طريقا ولا أثرا ، فتوكّلت على الله عزّ وجلّ وقلت : أسير حيث وجّهني.
ومشيت غير طويل فوقعت في أرض خضراء نضرة كأنّها قريبة عهد بغيث وإذا تربتها أطيب تربة ، ونظرت في سواء تلك الأرض إلى قصر يلوح كأنّه سيف ، فقلت :
يا ليت ، شعري ما هذا القصر الذي لم أعهده ولم أسمع به فقصدته ، فلمّا بلغت الباب رأيت خادمين أبيضين فسلّمت عليهما فردّا عليّ ردّا جميلا ، وقالا : اجلس فقد أراد الله بك خيرا ، وقام أحدهما ودخل واحتبس غير بعيد ، ثمّ خرج فقال : قم فادخل ، فدخلت قصرا لم أر بناء أحسن من بناء ولا أضوأ منه ، وتقدّم الخادم إلى ستر على بيت فرفعه ، ثمّ قال لي : ادخل ، فدخلت البيت فإذا فتى جالس في وسط البيت وقد علّق على رأسه من السقف سيف طويل تكاد ظبته تمسّ رأسه ، والفتى بدر يلوح في ظلام ، فسلّمت فردّ السّلام بألطف الكلام وأحسنه ، ثمّ قال لي : « أتدري من أنا؟ »
فقلت : لا والله.
فقال : « أنا القائم من آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، أنا الذي أخرج في آخر الزمان بهذا السيف ـ وأشار إليه ـ فأملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ».
فسقطت على وجهي وتعفّرت ، فقال : « لا تفعل ، ارفع رأسك أنت فلان من مدينة بالجبل يقال لها : همذان ».