فقال : ما على الرسول إلاّ البلاغ.
قال : فتبعته فجاء بي إلى دار عالية البناء لا أشكّ أنّها الجنّة ، وإذا رجل جالس على بساط أخضر ونور جماله يغشى الأبصار ، فقال لي : « إنّ فيما حملت من القماش حبرتين : إحداهما في مكان كذا ، والأخرى في مكان كذا في السفط الفلاني ، وفي كلّ واحدة منهنّ رقعة مكتوبة فيها ثمنها وربحها ، وثمن إحداهما ثلاثة وعشرون دينارا والربح ديناران ، وثمن الأخرى ثلاثة عشر دينارا والربح كالأولى ، فاذهب فأت بهما ».
قال الرجل : فرجعت فجئت بهما إليه فوضعتهما بين يديه فقال لي : « اجلس » ، فجلست لا أستطيع النظر إليه إجلالا لهيبته.
قال : فمدّ يده إلى طرف البساط ـ وليس هناك شيء ـ وقبض قبضة ، وقال : « هذا ثمن حبرتيك وربحهما ».
قال : فخرجت وعددت المال في الباب فكان المشترى والربح كما كتب والدي لا يزيد ولا ينقص (١).
ومنها : ما روي عن عليّ بن عاصم الكوفي الأعمى قال : دخلت على سيّدي الحسن العسكري فسلّمت عليه ، فردّ عليّ السّلام وقال : « مرحبا بك اجلس هنيئا لك يا ابن عاصم ، أتدري ما تحت قدميك؟ »
فقلت : يا مولاي ، إنّي أرى تحت قدميّ هذا البساط كرّم الله وجه صاحبه.
فقال لي : « يا ابن عاصم ، اعلم أنّك على بساط جلس عليه كثير من النبيّين والمرسلين » ، فقلت : يا سيّدي ، يا ليتني كنت لا أفارقك ما دمت في دار الدنيا ، ثمّ قلت في نفسي : ليتني كنت أرى هذا البساط.
فعلم الإمام عليهالسلام ما في ضميري فقال : « ادن منّي » ، فدنوت منه فمسح يده على
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٥٠ : ٣١٤ ـ ٣١٥ ، ح ١٢ ، نقلا عن « مشارق أنوار اليقين » : ١٠١ ، الفصل ١٣.