فجلس له يوما في الطريق وقت منصرفه من دار المتوكّل ، فلمّا رآه قام ليدنو منه فيسأله ذلك ، فقال : « تنحّ عافاك الله » ثلاث مرّات ، فأبعد الرجل ولم يجسر أن يدنو منه ، فانصرف فلقي الفهريّ فعرّفه الحال وما قال ، فقال : قد دعا لك قبل أن تسأل ، فامض فإنّك ستعافى ، فانصرف الرجل إلى بيته فبات تلك الليلة فلمّا أصبح لم ير على بدنه شيئا من ذلك (١).
ومنها : ما روي أنّ المتوكّل أو الواثق أو غيرهما أمر العسكر ـ وهم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسرّ من رأى ـ أن يملأ كلّ واحد مخلاة فرسه من الطين الأحمر ، ويجعلون بعضه على بعض في وسط تربة واسعة هناك ففعلوا ، فلمّا صار مثل جبل عظيم واسمه تلّ المخالي ، صعد فوقه واستدعى أبا الحسن عليهالسلام واستصعده وقال : استحضرتك لنظارة خيولي ، وقد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف ويحملوا الأسلحة وقد عرضوا بأحسن زينة وأتمّ عدّة وأعظم هيبة ، وكان غرضه أن يكسر قلب كلّ من يخرج عليه ، وكان خوفه من أبي الحسن عليهالسلام أن يأمر أحدا من أهل بيته أن يخرج على الخليفة.
فقال له أبو الحسن عليهالسلام : « وهل أعرض عليك عسكري؟ »
قال : نعم ، فدعا الله سبحانه فإذا بين السماء والأرض من المشرق والمغرب ملائكة مدجّجون ، فغشي على الخليفة ، فلمّا أفاق قال له أبو الحسن عليهالسلام : « نحن لا ننافسكم في الدنيا ، نحن مشتغلون بأمر الآخرة ، فلا عليك شيء ممّا تظنّ » (٢).
ومنها : ما روي عن هاشم بن زيد قال : رأيت عليّ بن محمّد عليهالسلام صاحب العسكر وقد أتي بأكمه فأبرأه ، ورأيته يهيّئ من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيطير ، فقلت له : لا فرق بينك وبين عيسى عليهالسلام ، فقال : « أنا منه وهو منّي » (٣).
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٥٠ : ١٤٥ ـ ١٤٦ ، ح ٢٩ ، نقلا عن « الخرائج والجرائح » ١ : ٣٩٩ ـ ٤٠٠ ، ح ٥.
(٢) المصدر السابق : ١٥٥ ـ ١٥٦ ، ح ٤٤ ، نقلا عن « الخرائج والجرائح » ١ : ٤١٤ ، ح ١٩.
(٣) المصدر السابق : ١٨٥ ، ح ٦٣ ، نقلا عن « عيون المعجزات » : ١١٩.