ومنها : ما روي عن أميّة بن عليّ القيسي قال : دخلت أنا وحمّاد بن عيسى على أبي جعفر عليهالسلام بالمدينة لنودّعه ، فقال لنا : « لا تخرجا ، أقيما إلى غد ».
قال : فلمّا خرجنا من عنده قال حمّاد : أنا أخرج فقد خرج ثقلي. قلت : أمّا أنا فأقيم ، قال : فخرج حماد فجرى الوادي تلك الليلة فغرق فيه وقبره بسيّالة (١).
ومنها : ما روي عن القاسم بن المحسن قال : كنت فيما بين مكّة والمدينة فمرّ بي أعرابيّ ضعيف الحال فسألني شيئا فرحمته فأخرجت له رغيفا فناولته إيّاه ، فلمّا مضى عنّي هبّت ريح زوبعة فذهبت بعمامتي من رأسي فلم أرها كيف ذهبت ولا أين مرّت ، فلمّا دخلت المدينة صرت إلى أبي جعفر بن الرضا عليهماالسلام فقال لي : « يا أبا القاسم ، ذهبت عمامتك في الطريق؟ » قلت : نعم.
فقال : « يا غلام ، أخرج إليه عمامته » ، فأخرج إليّ عمامتي بعينها. قلت : يا ابن رسول الله ، كيف صارت إليك؟
قال : « تصدّقت على أعرابيّ فشكر الله لك فردّ إليك عمامتك ، فإنّ الله لا يضيع أجر المحسنين » (٢).
ومنها : ما روي أنّه اجتاز المأمون بابن الرضا عليهالسلام وهو بين صبيان فهربوا سواه ، فقال : عليّ به ، فقال له : ما لك لا هربت في جملة الصبيان؟ قال : « ما لي ذنب فأفرّ منه ، ولا الطريق ضيّق فأوسّعه عليك سر حيث شئت ».
فقال : من تكون أنت؟ قال : « أنا محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام ».
فقال ما تعرف من العلوم؟ قال : « سلني عن أخبار السماوات » ، فودّعه ومضى وعلى يده باز أشهب يطلب به الصيد ، فلمّا بعد عنه نهض عن يده الباز ونظر يمينه
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٥٠ : ٤٣ ، ح ١٠.
(٢) المصدر السابق : ٤٧ ـ ٤٨ ، ح ٢٤ ، نقلا عن « الخرائج والجرائح » ١ : ٣٧٧ ـ ٣٧٨ ، ح ٦.