ذلك لأنه لا بد
لما وجب أو قبح أو رغب فيه من وجه له كان كذلك لولاه لم يكن ما وجب أولى بالوجوب
من القبح أو الترغيب حسب ولا ما قبح أولى بالقبح من الحسن.
وإذا كان لا بد من
وجه لم يخل أن يكون الأمر والنهي على ما قالته المجبرة أو كونها شكرا لنعمته تعالى
على ما ذهب إليه بعض المتكلمين أو الترك على ما قاله أبو علي أو الفعل على ما
نقوله.
ولا يجوز أن يكون
الأمر والنهي لأنه متى لم يكن للفعل صفة لها يحسن تعلق الأمر به أو النهي عنه كان
الأمر والنهي عبثا ولم يكن المنهي عنه أولى بالنهي من الأمر به ولا المأمور به
أولى بالأمر من النهي عنه.
ولأنها فرع لصدق
المدعي وصدقه موقوف على النظر في معجزه ولا داعي إلى ذلك إلا خوف المفاسد في ما
ينهى عنه وفوت المنافع في ما يأمر به فينبغي حصول صفتي المصلحة والمفسدة فيما يدعو
إليه وينهى عنه قبل أمره ونهيه الكاشف عن كونهما كذلك.
ولأن الأمر الشرعي
متناول للفرض والنفل والشيء الواحد لا يجوز أن يقتضي إيجابا لشيء وترغيبا في غيره
ولأن مجرد الأمر والنهي لا يخصص المأمور ولا المنهي بوقت دون وقت ولا بوجه دون وجه
ولا بصفة دون أخرى وهذه صفة العبادات الشرعية قبحت تعلقها بالمصالح المخصصة لها
بالأوقات والصفات والشروط.
ولا يجوز كون
الوجه فيها شكرا لنعمه تعالى لأن حقيقة الشكر هي الاعتراف بالنعمة والعزم على
تعظيم فاعلها وليست الشرعيات من ذلك في شيء.
ولأن شكره تعالى
تعم المكلفين والأزمان على كل حال والشرعيات يختص مكلفا ويسقط عن آخر ويجب على صفة
يختص الفاعل ويقبح من دونها ويسقط مع صفة له ويجب بارتفاعها.
ولأنها ينقسم إلى
فرض ونفل وحرام والمقتضي الواحد لا يجوز أن يقتضي إيجابا وندبا وقبحا.
ولا يجوز أن يكون
الترك هو المراعى في العبادات والقبائح الشرعيات لأن الإشارة والتعيين والنص والترغيب
والتزهيد والزجر بوجه إلى الصلاة والزكاة والحج والزناء