فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ ) (١) ، فوجب أن يكون المذكورون في آية براءة غير أولئك ، للقطع على عقاب هؤلاء وكفرهم وموتهم على ذلك ، وتعريض أولئك بالطاعة والثواب.
ومنها : أنّ إضافتها إلى القوم فرع لصحة كونهم دعاة إلى الجهاد على وجه يحسن ، وذلك فرع لثبوت إمامتهم ، وقد بينا فسادها على أصولنا وأصولهم ، فاقتضى ذلك قبح دعوتهم.
وإذا وجب ذلك ، فلو كان الداعي غير النبي صلىاللهعليهوآله لوجب أن يكون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، لأنه لم يدع أحد بعد النبي صلىاللهعليهوآله المخلّفين دعوة صحيحة غيره بنصّ النبي صلىاللهعليهوآله على قتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، وثبوت إمامته في حال دعوته باجماع.
ولا يقدح في كونه داعيا قوله سبحانه في المدعوّ إليهم : ( تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ) (٢) ، ومحاربوا علي عليهالسلام مسلمون.
لأنهم عندنا وعند أكثر أهل العدل ليسوا مسلمين.
أما نحن ، فلما قدّمناه من الفتيا بكفر جاحد النصّ ومحارب المنصوص عليه ، ولأنّا نعلم من حال القوم استحلال دمه وذريته وشيعته ، واستحلال دماء أهل الايمان كفر ، ولأنه وأصحابه كانوا مصرّحين بكفرهم.
وقوله عليهالسلام ، والله ما قوتل أهل هذه الآية حتّى اليوم : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ) (٣) ، ومن طرق أخر : ( فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ ) الى قوله ( أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ ) (٤) ، ولو كانوا مسلمين لكان واصفهم بالكفر ضالا ، وهذا ما لا يطلقه مسلم.
ولاتفاق النقلة على قوله صلىاللهعليهوآله : حربك يا علي حربي وسلمك
__________________
(١) التوبة ٩ : ٨٣ ـ ٨٥.
(٢) الفتح ٤٨ : ١٦.
(٣) المائدة ٥ : ٥٤.
(٤) التوبة ٩ : ١٢.