قيل : أوّل ما في هذا أنّ الحال الّتي وقع فيها (١) القتل بعثمان لم يحصل فيها نكير من أحد يعتدّ به ، وهو الوجه المقتضي لحسن الواقع من قتل عثمان ، ولا تأثير لما أظهره القوم المعنيّون من النكير شاما وعراقا ، لوجوب اختصاص النكير لما يتوقع حدوثه ، دون الماضي الّذي يستحيل تأثير الإنكار فيه ، ولم يبق إلاّ أن يقال : إنّ الواقع منهم كان انتصارا ، فيسقط ذلك على مذاهبنا ومذاهبهم ، وإن كان غير نافع لهم في موضع القدح إنكار من ذكروه.
فأمّا سقوطه على مذاهبنا ، فلأنّا نثبت النصّ [ على ] علي عليهالسلام ، وندين بأنّه كاشف عن عصمته عليهالسلام ، حسب ما وضح برهانه وقامت حجّته ، وذلك يقتضي صواب فعله عليهالسلام ، وضلال المنكر عليه والمنتصر منه والخارج عن طاعته ، وسقوط الأحكام المخالفة لحكمه ، والشهادة على جميعها بالقبح.
وعلى أصول الخصوم : أنهم يثبتون إمامته بعد عثمان باختيار الأمّة ، ويقطعون على خطأ الخارج عن طاعته المختار ، وضلال المحارب له من غير حدث ، وعلي عليهالسلام لم يحدث باتفاق.
على أنّ تأمّل حال الفريقين ، وتتّبع أفعالهم ، وكشف أغراضهم يوضح عن خلاف ما ظنّه السائل من الإنكار لباطل أو الانتصار لحقّ أو طلب ثأر ، ويوضح عن قصدهم التأمير على الناس ، وخلع طاعة المنصوص عليه والمختار ، ليأسهم من بلوغ الأغراض الفاسدة في ولايته ، وحرصهم على نيل الأماني الدنيويّة على أيّ وجه يمكن وبأيّ شيء تمّ من حسن الأفعال وقبيحها.
ومن كانت هذه حاله فلا اعتداد بفعله ، ولا تأثير لما يظهره من النكير المعلوم خلاف غرضه فيه وفساده لو كان مقصودا ، لقبحه ، ونحن ننبّه (٢) على جمل ذلك وما
__________________
(١) في النسخة : « فيهما ».
(٢) في النسخة : « بينه ».