على طريق العلم بما نقله الرواة وأصحاب السير من تفاصيل ما جرى قادحا في عموم العلم بها لكل متأمل للآثار.
كذلك حال المنبه من شيوخنا رضي الله عنهم على طرق الناقلين والمشير إلى صفات المتواترين بخبري تبوك والغدير للمعرض عن سماع ذلك ليس بقادح فيما بيناه من عموم العلم بهما للمتأملين.
على أن بإيراد ما نقله أصحاب الحديث من الخاصة والعامة حصل للسامع العلم بهما كما ينقل الرواة للمغازي حصل العلم بها لكل سامع وكيف يكون التنبيه على طريق عموم العلم بالمنقول قادحا فيه لو لا الغفلة.
وإذا كانت الحجة ثابتة بهما على الوجه الذي ذكرناه تعين فرض النظر فيهما ليعلم المراد بهما ومتى فعل هذا الواجب دل فاعله على كون كل منهما دالا على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من وجوه.
أما خبر تبوك فإنه صلوات الله عليه دل به على أن عليا عليه السلام منه بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة في الحال التي استثنى فيها ما لم يرد ثبوته لعلي عليه السلام من النبوة وذلك يقتضي ثبوت ما عداها من منازل هارون لعلي عليه السلام بعد وفاته ودال على استخلافه له بهذا القول من وجوه :
منها : أن من جملة منازل هارون عليه السلام كونه خليفة لموسى عليه السلام على بني إسرائيل وقد نطق بذلك القرآن في قوله سبحانه ( وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ) (١) الآية وأجمع عليه المسلمون فيجب كون علي من رسول الله صلى الله عليه وآله وعليهما (٢) كذلك إذ لا فرق بين أن يقول فيه أنت الخليفة من بعدي وبين أن يقول أنت مني بمنزلة هارون من موسى مع علم المخاطب بكون هارون خليفة لموسى،كما لا
__________________
(١) الاعراف ٧ : ١٤٢.
(٢) في النسخة : « وعليها ».