فالمدرك بمحل الحياة فيه كالحادث عند الوهي وفي رأس المصدع جنس.
والمدرك بمحل الحياة في غيره كالحرارة والبرودة والطعم ليس بجنس غير هذه المدركات.
وقلنا ذلك.
لأن الحي يجد من طريق الإدراك عند قطع بعض أعضائه ما لم يكن يجده ويفصل بين تألمه من ناحية ذلك العضو وبين غيره.
والإدراك يتعلق بأخص صفات المدرك ولا يجوز تعلقه بتفريق البنية لأن الأكوان غير مدركة بمحل الحياة ولا غيره والميل والنفور غير مدركين ولأن حال كل منهما يحصل للحي وهو غير آلم ولا ملتذ فثبت وجود معنى تعلق الإدراك به.
وليست هذه حاله عند إدراك الحرارة والطعم وغيرهما لأن الإدراك تعلق بجنس معلوم فلا حاجة بنا إلى إثبات غيره لما فيه من الجهالة.
وسمي هذا الذي المعنى ألما إذا أدركه الحي وهو نافر ويسمى لذة إذا أدركه وهو مشته.
والشهوة والنفار (١) معنيان مغايران للألم واللذة مختصان بالقديم تعالى.
والألم مقدور للمحدث ولا يصح منه إلا متولدا عن الوهي وتقع منه تعالى متولدا ومبتدأ كحصوله للمصدع والمنفرس.
وإذا ثبت أن الألم جنس الفعل بطل قول من زعم أنه قبيح لكونه ألما من حيث كان الشيء لم يقبح لجنسه لأن ذلك يقتضي اختصاص القبح بجنس معين أو يماثل سائر الأجناس لصحة الاشتراك في صفة القبح ويتعذر الجنس
__________________
(١) في النسخة : « والنفاق ».