وعباده. فقلت : يا أمير المؤمنين أوليست هذه الصفات كلّها لك وفيك؟! فقال : أنا إمام الجماعة بالغلبة والقهر ، وموسى بن جعفر إمام حقّ ، والله يا بنيّ إنّه لأحقّ بمقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منّي ومن الخلق جميعا. فقلت : يا أبه أنت تعلم هذا وتنازعهم حقّهم (١)؟ فقال : يا بنيّ والله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك ، إنّ الملك عقيم.
فلمّا أراد الرحيل من المدينة الى مكّة أمر بصرّة سوداء فيها مائتا دينار ، ثمّ أقبل على الفضل وقال : اذهب إلى موسى بن جعفر وقل له : نحن في ضيقة وسيأتيك برّنا بعد هذا الوقت. فقمت في وجهه وقلت : يا أمير المؤمنين تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش وبني هاشم ومن لا تعرف نسبه خمسة آلاف دينار إلى ما دونها ، وتعطي موسى بن جعفر وقد أعظمته وأجللته مائتي دينار؟! أخسّ عطيّة أعطيتها أحدا من الناس؟ فقال : اسكت لا أمّ لك ، فإنّي لو أعطيته هذا من ضمنه (٢) لك ، والله ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه ، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم (٣).
وروى الفضل بن الربيع وغيره من أهل النقل قالوا : دخل موسى بن جعفر عليهماالسلام على الرشيد وقد كان همّ به سوء ، فلمّا رآه وثب إليه وعانقه وخلع عليه ووصله ، فلمّا ولّى قال الفضل بن الربيع : يا أمير المؤمنين أردت أن تضربه وتعاقبه فخلعت عليه وأجزته؟
فقال : يا فضل إنّي ابلغت عنه شيئا عظيما فهممت به فرأيته عند الله وجيها عظيما ، إنّك [ لمّا ذهبت ] لتجيء به فرأيت أقواما قد أحدقوا بداري بأيديهم حراب قد غرزوها في أصل الدار وهم يقولون : إن آذى ابن رسول الله خسفنا به وإن أحسن إليه انصرفنا عنه.
قال الفضل : فتبعته وقلت : يا ابن رسول الله ما الذي قلته حتى كفيت أمر
__________________
(١) قوله : « فقلت : يا أبة ... » إلى قوله : « حقّهم » ليس في المصدر.
(٢) في المصدر : ما ضمنه.
(٣) عيون أخبار الرضا : ج ١ ص ٧٢ ب ٧ ح ١١.