سأمضي وما بالموت عار على امرئ |
|
إذا ما نوى حقّا ولم يلف محرما |
فإن متّ لم أندم وإن عشت لم الم |
|
كفى لك موتا أن تذلّ وترغما |
وقال أبو مخنف لوط بن يحيى الأزديّ : لمّا أقبل الحسين بن عليّ عليهماالسلام أتى قصر بني مقاتل ونزل ، فرأى فسطاطا مضروبا ، فقال : لمن هذا الفسطاط؟ فقيل : لعبيد الله بن الحرّ الجعفي. ومع الحسين عليهالسلام يومئذ الحجّاج بن مسروق وزيد بن معقل الجعفيّان ، فبعث إليه الحسين عليهالسلام الحجّاج بن مسروق ، فلمّا أتاه قال له : يا ابن الحرّ أجب الحسين بن عليّ عليهماالسلام. فقال له : أبلغ الحسين أنّه إنمّا دعاني الى الخروج من الكوفة حين بلغني أنّك تريدها فرارا من دمك ودماء أهل بيتك ، ولئلاّ اعين عليك وقلت : إن قاتلته كان عليّ كبيرا وعند الله عظيما ، وإن قاتلت معه ولم اقتل بين يديه كنت قد ضيّعت قتلته ، وأنا رجل أحمى أنفا من أن امكّن عدوّي فيقتلني ضيعة ، والحسين ليس له ناصر بالكوفة ولا شيعة يقاتل بهم.
فأبلغ الحجّاج الحسين عليهالسلام قول عبيد الله فعظم ذلك عليه ، ودعا بنعليه فانتعل ، ثمّ أقبل يمشي حتى دخل على عبيد الله بن الحرّ الفسطاط ، فأوسع له ابن الحرّ عن صدر مجلسه وقام إليه حتى أجلسه ، فلمّا جلس قال يزيد بن مرّة : حدّثني ابن الحرّ قال : دخل عليّ الحسين عليهالسلام ولحيته كأنّها جناح غراب وما رأيت أحدا قطّ أحسن ولا أملأ للعين من الحسين ، ولا رققت على أحد قطّ رقّتي عليه حين رأيته يمشي والصبيان حوله.
فقال له الحسين عليهالسلام : ما يمنعك يا ابن الحرّ أن تخرج معي؟ فقال : لو كنت كائنا مع أحد من الفريقين لكنت معك ، ثمّ كنت من أشدّ أصحابك على عدوّك ، فأنا احبّ أن تعفيني من الخروج معك ، ولكن هذه خيل لي معدّة وأدلاّء من أصحابي ، وهذه فرسي المحلّقة فاركبها فو الله ما طلبت عليها شيئا إلاّ أدركته ولا طلبني أحد إلاّ فتّه فدونكها فاركبها حتى تلحق بمأمنك ، وأنا لك بالعيالات حتّى اودّيهم إليك وأموت وأصحابي عن آخرهم ، وأنا كما تعلم إذا دخلت في أمر لم يضمني فيه أحد.
قال الحسين عليهالسلام لابن الحرّ : فهذه نصيحة لنا منك؟ قال : نعم والله الذي لا فوقه