قلنا : نعم. فقال : إذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معهم ممّا أصبتم اليوم من الغنائم. فأمّا أنا فأستودعكم الله. ثمّ لم يزل مع الحسين عليهالسلام حتى قتل رحمة الله عليه (١).
وروى عبد الله بن سليمان والمنذر بن المشمعل الأسديّان ، قالا : صحبنا الحسين عليهالسلام فلمّا وصلنا زرودا إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين عليهالسلام ، فوقف الحسين عليهالسلام كأنّه يريده ثمّ تركه ومضى ، ومضينا نحوه لنسأله ، فلمّا انتهينا إليه قلنا : السلام عليك. قال : وعليكما. قلنا : ممّن الرجل؟ قال : أسديّ. قلنا : ونحن أسديّان. ثمّ قلنا له : أخبرنا عن الناس وراءك.
قال : نعم لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ، ورأيتهما يجرّان بأرجلهما في السوق. فأقبلنا حتى وصلنا الحسين عليهالسلام فقلنا له : رحمك الله إنّ عندنا خبرا إن شئت حدّثناك به سرّا أو علانية. فنظر إلينا والى أصحابه وقال : ما دون هؤلاء سرّ. فقلنا : رأيت الراكب الذي استقبلته عشيّة أمس؟ قال : نعم قد أردت مسألته. فقلنا : قد والله كفيناك مسألته ، وهو امرؤ منّا ذو رأي وصدق وعقل ، وأنّه حدّثنا أنّه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة ورآهما يجرّان بأرجلهما في السوق.
فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، رحمة الله عليهما. يردّد ذلك مرارا ، ونظر الى بني عقيل وقال لهم : ما ترون فقد قتل مسلم؟ فقالوا : والله لا نرجع حتى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق. فأقبل علينا الحسين عليهالسلام وقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء. فعلمنا أنّه قد عزم على المسير. فقلنا له : خار الله لك. فقال : رحمكما الله ، وسكت (٢).
وقيل : إنّه لمّا أتاه قتل مسلم بن عقيل وهاني همّ بالرجوع الى المدينة ثمّ عزم فقال متمثّلا :
__________________
(١) الإرشاد : ص ٢٢١.
(٢) الإرشاد : ص ٢٢٢.