بوحي من ربّ العالمين. فلمّا سرى عنه قال : أتاني جبرائيل عن ربّي عزّ وجلّ فقال لي : يا محمّد إنّ الله يقرأ عليك السلام ويقول لك : لست أجمعهما لك فافد أحدهما بصاحبه. فنظر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الى إبراهيم وبكى ، ونظر الى الحسين فبكى وقال : إنّ إبراهيم امّه أمة ومتى مات لم يحزن عليه غيري ، وأمّ الحسين فاطمة وأبوه عليّ ابن عمّي لحمي ودمي ومتى مات حزنت عليه ابنتي وحزن ابن عمّي وحزنت أنا عليه ، وأنا اوثر حزني على حزنهما يا جبرئيل بقبض إبراهيم فقد فديته للحسين به. قال : فقبض بعد ثلاث.
وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا رأى الحسين مقبلا قبّله وضمّه الى صدره ورشف ثناياه وقال : فديت من فديته بابني إبراهيم عليهمالسلام (١).
حدّث أبو عليّ الحسن بن دخيم ، قال : حدّثنا أحمد بن إبراهيم ، قال : سمعت عبد الله بن عبد الله المديني ، يذكر عن أبيه ، عن جدّه وكان مولى الحسين بن عليّ عليهماالسلام أنّ سائلا خرج ذات ليلة فتخطّى أزقّة المدينة حتى أتى باب الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام وقرع الباب وأنشأ يقول :
لم يخب الآن من رجاك ومن |
|
حرّك من خلف بابك الحلقة |
وكان الحسين عليهالسلام واقفا في محرابه يصلّي ، فأوجز في صلواته وأقبل الى الباب فإذا هو بسائل عريان ، فقال له : أيّها السائل مكانك حتى أعود إليك. ودعا مولى له فقال له : يا غلام أمعك شيء؟ قال : معي ألفا درهم أعطيتنيها بالأمس افرّقها على أهلك ومواليك. قال : ائتني بها يا غلام فقد جاء من هو أحقّ من أهلي ومواليّ. وكان عليه بردتان يمانيّتان ، فشدّ الألفين في إحدى البردتين ودفعها الى السائل وأنشأ يقول :
خذها فإنّي إليك معتذر |
|
واعلم بأنّي عليك ذو شفقة (٢) |
فأخذها السائل وأنشأ يقول :
مطهّرين نقيّات ثيابهم |
|
تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا |
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٤ ص ٨١.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٤ ص ٦٦.